القول بأن الذكاة تعمل فيها، فإن تحركت وسال دمها أكلت، وإن كان السيلان فقط لم تؤكل، لأنه يسيل منها بعد الموت. انتهى. وجزم الرهوني بذلك.
وتحصل من هذا أن المراد بالصحيحة التي تذكى في حال صحتها أو ما يقرب منها بحيث إنها ذكيت وهي غير مأيوس منها، فما أصابها المرض وأيس منها فهي مما أضناه المرض ولو أيس منها بعد إصابة المرض لها بيسير، ونبهت على هذا لأني رأيت كثيرا من الناس غير مصيب في هذه المسألة، ويحتج بقول المص: وسيل دم إن صحت، ويزعم أن معنى قولهم: المراد بالصحيحة التي لم يضنها المرض لا التي لم يصبها: التي أصابها المرض وأشرفت على الهلاك بعد إصابة المرض لها بزمن يسير، وهذا فاسد كما علمت. والله أعلم.
واعلم أنه يعمل بقول أهل المعرفة في سيل دم من مريضة مع مد كيد مما لا يعتبر، كما نص عليه الشيخ عبد الباقي، وفي الخرشي: ولو أدرك الصيد قبل إنفاذ القاتل فلابد من التحرك القوي؛ لأن جرحه مرض يضني وكذا المحروق والواقع في الماء. انتهى. وقال الرهوني بعد جلب كثير من النقول: أطلق غير واحد ممن وقفت على كلامه ممن قدمنا ذكرهم ومن غيرهم القول بأن سيلان الدم في المريضة لا يكفي، وقال اللخمي: وأما خروج الدم وحده فلا يكون دليلا على الحياة إذا انفجر ذلك منها لفور موتها وحرارة جسمها، وإنما يعدم منها بعد ذلك إذا بردت إلا أن يخرج بقوة واندفاع حسب عادته في الحياة. انتهى. فانظر هل يعتمد عليه في الفتوى لظهور وجهه أولا، لمخالفته لظواهر المنصوص مع ما قاله بعض المحققين أن الظواهر إذا جاءت على طريق واحدة وكثرت فإنها مقصودة، وقولهم: إن للخمي اختيارات خرج بها عن المذهب، وقد اختصر ابن عرفة كلام اللخمي الذي قدمناه عنه قبل هذا، ولم يعرج على هذا برد ولا قبول، ففيه إشعار بأنه لم يرتضه، لكن نقله ابن غازي في تكميله وسلمه، وسياقه يدل على أنه فهمه على أنه تقييد. والله أعلم. انتهى كلام الرهوني.
ولما أوهم قوله:"وإن أيس من حياته"، شموله لنفوذة المقاتل مع أن ذكاتها لغو اتفاقا كما عند الباجي، استثناها متبركا ببعض أفرادها المذكورة في سورة المائدة، وإن كان الحكم غير مقصور