فيؤكل ما ذكي إذا سال دمه من غير شخب ولا حركة، وهذا إن صحت؛ يعني أن محل كون سيلان الدم من علامات الحياة إنما هو إذا كانت الذات الذكاة صحيحة، وأما المريضة فلا يعتبر فيها سيلان الدم بانفراده.
والحاصل أن الصحيحة مخالفة للمريضة؛ فالصحيحة تؤكل بسيلان الدم من غير شخب ولا حركة، والمريضة لا تؤكل بذلك، وأما شخب الدم فلا فرق فيه بين الصحيحة والمريضة، فيؤكل ما حصل فيه من صحيحة ومريضة. قاله اللخمي. ويأتي قريبا كلام الرهوني فيه، والشخب خروج الدم بصوت، والمعاني التي يستدل بها على الحياة خمس: سيلان الدم في الصحيحة والطرف بالعين وجريان النفس وتحريك الذنب والركض بالرجل، وظاهر كلام الشيخ وغيره أنه لا فرق بين حركة الأعلى والأسفل، وأشار اللخمي إلى أن حركة الرجل والذنب أقوى من حركة العين؛ لأن الروح أول ما تذهب من الأسافل؛ وقوله:"وسيل دم إن صحت" قال ابن حبيب في قول مالك: إنها تؤكل: لا يمكن عندي في الصحيحة أن لا تتحرك ولا يسيل دمها، فلا معنى لذكرها، وقال الشيخ عبد الباقي: من غير شخب ولا حركة إن تصور ذلك كالتي بلغ الخنق منها مبلغا لا تعيش معه ولم ينفذ منها مقتل. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن بناني: قول الزرقاني: إن تصور ذلك لخ فيه نظر؛ إذ التي بلغ منها الخنق مبلغا لا تعيش معه الظاهر أنها مريضة لا صحيحة، وإنما وجه ذلك ما في العتبية، ونصها: وسئل ابن القاسم وابن وهب عن شاة وضعت للذبح فذبحت فلم يتحرك منها شيء، هل تؤكل؟ قالا: نعم تؤكل إذا كانت حين تذبح حية، فإن من الناس من يكون ثقيل اليد عند الذبح حتى لا تتحرك الذبيحة، وآخر يذبح فتقوم الذبيحة تمشي. ابن رشد: وهذا إذا سال دمها أو استفاض نفسها في حلقها بعد ذبحها استفاضة لا يشك معها في حياتها، وهذا في الصحيحة بخلاف المريضة. انتهى. وفي شرح الشيخ عبد الباقي وغيره: والمراد بالصحيحة التي لم يضنها المرض لا التي لم يصبها، قال الشيخ الخرشي: ومعنى يضنها: يضعفها. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن: قول الزرقاني: والمراد بالصحيحة لخ، لعل المراد بهذا ما في التوضيح من أن المريضة إذا كانت غير مأيوس منها فهي كالصحيحة: أي تؤكل بسيلان الدم أي وإن لم تتحرك، وإذا كانت مأيوسا منها ففيها خلاف، ثم قال: وعلى