وفري ودج؛ يعني أن فَرْيَ الودج من المقاتل اتفاقا، فالذكاة معه ساقطة، ومعنى فريه: إبانة بعضه من بعض، وعبارة ابن الحاجب: قطع الأوداج، وعبارة ابن عرفة: خرق الأوداج، وابن يونس: شق الأوداج.
وثقب مصران؛ يعني أن ثقب المصير أي خرقه من المقاتل فلا تفيد الذكاة معه وأحرى قطعه، والمصران بضم الميم جمع مصير كرغيف ورغفان وجمع الجمع مصارين، وقوله:"وثقب مصران"، تحقيقا أو شكا أو وهما، وكذا يقال في قطع نخاع ونحوه مما قد يخفى. قاله الشيخ عبد الباقي. قال الشيخ محمد بن الحسن: قول الزرقاني أو شكا أو وهما لخ فيه نظر، والظاهر خلافه، وشمل المص بحسب ظاهره المصير الأعلى والأسفل، والأعلى هو المريء الذي تحت الحلقوم وينتهي إلى رأس المعدة وما قرب منها، وخص ابن رشد كون ثقب المصير مقتلا بالمصير الأعلى قائلا: إنه لا يعيش إلا ساعة من نهار، وأما ثقبه من أسفله حيث يكون الرجيع فليس بمقتل؛ لأنا وجدنا كثيرا من الحيوان ومن بني آدم يخرق مصيره في مجرى الرجيع ويعيش مع ذلك زمانا يتصرف ويقبل ويدبر، وسلمه ابن عرفة ورجحه عياض، وأولى من ثقبه من أعلاه إبانة بعضه من بعض، واحترز بمصران عن ثقب الكرش فليس بمقتل فتؤكل كما أفتى به ابن رزق شيخ ابن رشد في كرش بهيمة صحيحة وجد بعد ذبحها مثقوبا، خلافا لحكم ابن مكي القاضي شيخ ابن رشد أيضا بفتوى ابن حمدين بطرحها بالوادي، وغلبت العامة أعوان القاضي لعظم ابن رزق عندهم فأخذوه من أيديهم وأكلوه، وصوبه ابن رشد قال ابن عرفة: ويؤيده عدد التواتر من كاسبي البقر بإفريقية أنهم يثقبون كرش الثور لبعض الأدواء، فيزول عنه. انتهى.
وحمدين بنون كما في خط التتائي ذكره عبد الباقي، وقوله:"وثقب مصران"، احترز به عن الشق فليس بمقتل، وقد ذكر أن بعض حذاق الأطباء تلطف بمصير شق طولا، فجمع طرفي الشق ووضع عليهما النمل فلما شبكت فيهما قطع أسافلها فبقيت رءوسها في الطرفين فالتأما بإذن الله تعالى. نقلد الخرشي. وفي المواق عن ابن لب أن ثقب المصير أو شقه ليس بمقتل؛ لأنه قد يلتئم، وإنما القتل فيه القطع والانتثار. انتهى. وفيه أيضا عن ابن لب أن المصير الأعلى هو المريء، وفي المعيار