الحياة فيها بعد الذبح- هو أن المريضة قد علمت حياتها بطول مدة إقامتها حية إلى أن ذكيت، والجنين لم تتحقق حياته في بطن أمه؛ إذ لا يعتبر بها لأنه كعضو من أعضائها، بدليل كون ذكاته في ذكاتها. انتهى.
قال جامعه عفا الله عنه: وهذا التعليل جار فيما إذا ولدت البهيمة ولدها بعد تمام أشهره، فيجري فيه قوله:"إن حيي مثله". والله سبحانه أعلم. وقوله:"الزلق"، قال غير واحد: هو ما ألقته أمه في حياتها لعارض، وكثيرا ما يحصل ذلك إذا عطشت ثم شربت كثيرا.
ولما أنهى الكلام على أنواع الذكاة الثلاثة، ذكر الرابع وهو فعل ما به الموت، فقال: وافتقر نحو الجراد لها؛ يعني أن الجراد ونحوه من كل ما لا نفس له سائلة يفتقر للذكاة بنية وتسمية، فلا يؤكل ما لم يذك من ذلك بما يموت به؛ يعني أن تذكية الجراد تحصل بفعل ما يموت به، والظاهر أن الباء في قوله:"بما" للتصوير أو للتعدية، متعلقة بالكون التام حال من الضمير المجرور باللام؛ أي يفتقر نحو الجراد للذكاة حال كون ذكاته حاصلة بما يموت به، ويمكن أن قوله:"بما"، يتعلق بالضمير المجرور باللام على أن ضمير المصدر يعمل، كقول زهير:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم … وما هو عنها بالحديث المرجم
وقوله:"وافتقر نحو الجراد لها"، يشترط أن يكون فعل ذلك من مميز يناكح، ويجري فيه وفي ذبح كتابي له لمسلم قولان.
ولو لم يعجل؛ يعني أن الجراد ونحوه لا يؤكل إلا بذكاة، وذكاته ما يموت به، ولا فرق في ذلك بين الفعل الذي يموت به بسرعة كقطع رأسها أو صلقها أو قليها أو شيها، وهذا لا خلاف فيه، وبين الفعل الذي لم يكن من شأنه تعجيل الموت كقطع أرجلها أو أجنحتها أو إلقائها في الماء البارد، لكن لابد من تعجيل الموت به، فلو بعد الموت عنه لكان بمنزلة العدم وهذا هو المشهور، ومقابله أنه لابد في ذكاته من الفعل الذي يموت به بسرعة، وهذا الذي ذكرته من تقييد قوله:"ولو لم يعجل"، بما إذا عجل الموت هو لأبي الحسن تبعا لعبد الحق، وظاهر المص كالمدونة الإطلاق، وفي الخرشي أن تقييد أبي الحسن ضعيف، ومثل للفعل الذي لم يكن من شأنه تعجيل