بما يضاف إليه من عجوة ونحوها. وعقيد؛ يعني أن العقيد مباح وهو ماء العنب يغلى على النار حتى ينعقد ويذهب منه الإسكار، ويسمى بالرب الصامت، ولا يحد غليانه بقدر وإنما المعتبر فيه الإسكار وعدمه، كما مر عند قوله:"وعصير"، فما يمنع إسكار الكثير منه هو المعتبر: وفي الحديث: (ما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام (١)). انتهى. وقوله:"عقيد"؛ فعيل بمعنى مفعول كنبيذ بمعنى منبوذ، وعصير بمعنى معصور أمن سكره؛ يعني أن محل إباحة هذه الأمور المتقدمة من قوله:"وفقاع وسوبيا وعقيد"، إنما هو حيث كان الإسكار مأمونا مذما، وأما العصير فلا يتصور فيه سكر إلا بإضافة شيء إليه، وفي بعض النسخ: سكرها، وهي أحسن. كما في الشبراخيتي.
وللضرورة ما يسد؛ هذا هو الضرب الثاني من المباح؛ يعني أنه يباح للضرورة وهي خوف الهلاك على النفس علما أو ظنا تناول كل ما يسد الجوع من جميع المحرمات إلا ما استثناه، ولا يشترط أن يصل إلى حال يشرف معها على الهلاك، فإن الأكل بعد ذلك لا يفيد. قاله غير واحد. وقال التتائي: وهل حد الاضطرار خوف الهلاك أو خوف المرض؛ قولان، ومعنى يباح: يؤذن فيه شرعا، فلا ينافي أنه يجب الأكل لإنقاذ النفس.
واعلم أنه للمضطر أن يشبع ويتزود، فإن استغنى طرح ما كان معه، وإذا تزود من خنزير لم يجد سواه ثم لقي ميتة تقدم عليه عند الاجتماع طرحه وأخذ الميتة، وقوله:"يسد"، إن حمل على سد الرمق كما هو ظاهره خلاف ما قدمته في أول الحل كان ماشيا على ما لابن حبيب وابن الماجشون، ونقله عبد الوهاب رواية عن مالك، ونقل أيضا عن ابن المواز، وعلى هذا فلا يشبع ولا يتزود، والراجح أن للمضطر أن يشبع ويتزود وإذا استغنى طرح ما تزود به، وفي الرسالة: ولا بأس للمضطر أن يأكل الميتة ويشبع، فإن استغنى عنها طرحها. انتهى. وقوله: فإذا استغنى عنها لخ؛ أي بوجود ما يقدم عليها ولو كان حراها على غيره، كطعام غير إن لم يخف القطع، وإذا أبيحت له للضرورة فيباح له الأكل منها، وإن لم يضطر حتى يجد غيرها مما يحل له ولو كان محرما على غيره. قاله الشبراخيتي. وفيه ما يفيد أن الحرام إذا غلب وتعذر تحصيل الحلال
(١) الميزان ١٠٤٠٨ بهذا اللفظ وانظر الإتحاف ج ٦ ص ١٦.