لا يمنع الأكل منه. ابن غازي: صواب. قوله "يسد": يشبع: وظاهر كلام المص يشمل العاصي بسفره، وشهره ابن زرقون، وتبعه القرافي وابن جزي، قال ابن زرقون: ووجهه قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، ومقابله لابن حبيب محتجا بقوله تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} الآية، ولا يقتل نفسه بل يتوب ثم يتناول الميتة بعد توبته. قوله:"وللضرورة ما يسد" اختلف في هذا هل هو من باب الإباحة أو من باب المعفو عنه؟ قال البساطي: الأول قول جمهور العلماء وهو ظاهر كلام الأئمة والأحاديث، والثاني هو التحقيق؛ إذ الميتة لا تنفك عن النجاسة وهو عين التحريم، لكن هذا تحريم لا إثم فيه لإحياء النفس. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن: وقد نص القرافي في فروقه على أنه إن لم يغسل فمه بطلت صلاته، ونقله ابن فرحون في ألغازه. انتهى. وقد تقدم أنه إذا أبيح له الأكل منها للضرورة صار له الأكل منها بعد ذلك، وإن لم يضطر حتى يجد غيرها مما يحل له، ولو كان محرما على غيره. قاله غير واحد. وقوله:"وللضرورة ما يسد"، قال ابن العربي: المخمصة لا يخلو إما أن تكون دائمة فلا خلاف في جواز الشبع منها، وإن كانت نادرة فاختلف العلماء في ذلك على قولين: الأول يأكل حتى يشبع ويتضلع. قاله مالك وغيره، والثاني يأكل بمقدار سد الرمق، وبه قال ابن الماجشون وابن حبيب. انتهى. نقله الشارح.
فتحصل مما مر أن في المسألة ثلاثة أقوال: المشهور وهو قول سحنون والأكثر أنه يأكل ويشبع ويتزود، ثانيها أنه يسد الرمق وعليه فلا يشبع ولا يتزود، ثالثها أنه يشبع ولا يتزود. غير آدمي يعني أنه يباح للمضطر كل ما يرد عنه ضرورة الجوع أو العطش أو يخففها عنه من الأطعمة النجسة والميتة من كل حيوان غير الآدمي، وأما ميتة الآدمي فلا يباح له أكلها مسلما أو كافرا، وإن كان يموت إن لم يأكلها، ويباح له أيضا تناول الدم وشرب المياه النجسة وغيرها من المائعات، وقوله:"غير آدمي"، يدخل فيه العذرة كما نص عليه الشيخ إبراهيم، وقوله:"غير"، يصح رفعه على أنه بدل من "ما"، ونصبه على أنه حال منها، وعلة حرمة ميتة الآدمي التعبد، وقدم المص ذلك بقوله: والنص عدم جواز أكله لمضطر، وكون حرمته تعبدية هو المشهور، وقيل: لإذايته لأنها إذا جافت صارت سما، وقيل: إن ميتة الآدمي يجوز أكلها مع الضرورة، وقد قدم