للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المص ذلك أيضا بقوله: وصحح أكله أيضا، والمنع شامل لأكله من نفسه: كيده أو رجله ولا يبعد القول بإباحة أكله من بعض أعضائه حفظا لنفسه، كمن لدغته أفعى في يده وكان يرجو الحياة بقطعها قبل سريان السم فيه فإنه يجب القطع حينئذ.

وخمر؛ يعطي أن المضطر يحل له كل ما يرفع الضرورة أو يخففها إلا ما كان من الآدمي -كما مر- والخمر، فلا بباح له استعمالهما، أما الخمر فلأنها لا تفيد في الجوع ولا في العطش بل ربما زادت العطش، وقيل: تباح لأنها قد تخفف ذلك على الجملة ولو لحظة، وقال الشيخ أبو بكر الأبهري: إن ردت الخمر عنه جوعا أو عطشا شربها، واختاره القاضي أبو بكر؛ يعني ابن العربي: لأنه تعالى قال في الخنزير: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}، ثم أباحه في حال الضرورة بقوله عز وجل: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} الآية، وقال في الخمر: إنه رجس فتباح للضرورة كالخنزير بالمعنى الجلي الذي هو أقوى من القياس، ولابد أن تروي الخمر ولو ساعة وترد الجوع ولو ساعة أو مرة، وقد مر الكلام على جيفة الآدمي.

إلا لغصة؛ يعني أن الخمر لا تحل لضرورة أي ضرورة إلا ما كان من إساغة الغصة، فإنه تجوز إساغة الغصة بالخمر أي إزالتها بها عندى عدم ما يسيغها به غيرها، ويصدق في شربها لغصة إن كان مأمونا، وأولى مع قرينة صدقه، فإن قامت قرينة كذبه لم يصدق كعدم قرينة وهو متهم. قاله الشيخ عبد الباقي. وعبارة الشيخ الأمير: ولا يشرب الخمر إلا لغصة خشي منها الهلاك، وصدق المأمون وعمل بالقرائن في تكذيب المأمون وتصديق غيره أنه شربها لغصة. انتهى. وقوله: "غير آدمي"، قال الشيخ عبد الباقي: حقه أن يزيد وغير ضالة الإبل، قال الشيخ محمد بن الحسن: هذا غير صحيح، والصواب ما ذكره بعد من أن ضالة الإبل تتعين إذا انفردت، وتقدم عليها الميتة عند الاجتماع. هذا هو الذي يفيده نقل المواق عن ابن القاسم. انتهى.

ثم ذكر ما إذا تيسر للمضطر محرمات في الأصل، ما الذي يقدم منها ويؤخر؟ وأن الأخف تحريما يقدم على الأشد، فقال: وقدم الميتة على خنزير؛ يعني أن المضطر إذا اجتمع عنده ميتة غير ميتة الآدمي مع خنزير فإنه يقدم تلك الميتة على الخنزير وجوبا، ولا يحل له تناول الخنزير مع وجود تلك الميتة ولو كان الخنزير مذكى؛ لأن التحريم المخفف أولى بالارتكارب من التحريم