وفي الشبراخيتي عند قوله:"لم ينكأ" أي يفتح ويعصر حال سيلانه، ولا يضره نكؤه قبل السيلان فلو نكي أو شق قبل تجمع المادة فيه ثم تجمعت وسالت من ذلك الشق فالعفو، وقوله:"لم ينكأ" أي حقيقة أو حكما كما إذا انتهى الدمل، وكان بحيث لو تركه لانفجر بنفسه، وفجره فإنه يعفى عن أثره انتهى. وتحصل مما مر أن ما خرج بنفسه حقيقة أو حكما معفو عنه ولو تكون برد قشره، وليدرأه بخرقة ندبا، وإلا فلا إلا فيما دون الدرهم من دم أو قيح أو صديد، وإلا أن يشق بأن يأتي كل يوم مرة فأكثر هذا في الواحد، وعفى عن أكثر مطلقا كالجرب والحكة وندب إن تفاحش يعني أن الدمل والجرح إذا كانا يمصلان بأنفسهما يعفى عما يخرج منهما، ولا يجب غسله ولا يندب إلا إذا تفاحش فيستحب غسله حينئذ قاله الحطاب. والندب عند المتفاحش ليس، خاصا بما ذكر بل يجري في جميع ما سبق من المعفوات إلا في كسيف صقيل، ومعنى المتفاحش، أن يستقبح الناظر النظر إليه، أولا يقع مثله غالبا، أو يستحيي أن يجلس به بين أقرانه، ومحل الندب ما دام العفو عنه قائما وإلا وجب، ودون الدرهم يندب غسله وإن لم يتفاحش كدم براغيث، يعني أن دم البراغيث أي خرءها يستحب غسله إذا تفاحش فهو تشبيه في العفو، ونَدْبِ غسلِ ما تفاحش منه وأما دمها الحقيقي فهو داخل في قوله:"ودون درهم من دم"، وقيل، يجب غسل خرء البراغيث إن تفاحش وفي الشبراخيتي: وخص البراغيث لعسر التحرز منها وإلا فخرء البق والقمل كذلك. انتهى. وقال عبد الباقي: خرء البق والقمل ليس كخرء البرغوث على ظاهر المذهب خلافا لصاحب الحلل. انتهى. يعني فيندب غسله مطلقا، وإنما لم يكن مثله لتعذر الكثرة التي يستحب الغسل عندها في القمل والبق والله أعلم. وقوله:"كدم براغيث" سواء في ذلك زمن هيجانه وغيره كما هو ظاهر المدونة، وظاهر كلام الأكثر، وخالف ابن، شاس وابن الحاجب فجعلاه في زمن هيجانه معفوا عنه وإن تفاحش.
تنبيه: اعلم أنه يكره قتل القمل والبراغيث وغيرهما كالبق والبعوض بالنار ما لم يضطر إلى ذلك لكثرتها فيجوز؛ لأن في تتبعها بغير النار حرجا ومشقة قاله الشاذلي إلا في صلاة، يعني أن الشخص إذا اطلع في صلاته على المتفاحش من الدمل أو دم البراغيث فإنه لا يندب له غسله حينئذ لوجوب تماديه على صلاته، إماما كان أو مأموما، أو فذا فرضا أو نفلا، فالاستثناء راجع