للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التنبيه: إن الله تعالى خلق ملائكة سياحين مدى الأبد لزيارة كل دار فيها اسم أحمد أو محمد، وفيه أيضا أنه لا يدخل النار من الأنام من تسمى باسمه عليه أفضل الصلاة والسلام.

واعلم أن فقهاء الأمصار على جواز التسمية والتكنية بأبي القاسم والنهي عنه منسوخ، ومذهب الإمام مالك جواز التكني بأبي القاسم، سواء كان الاسم محمدا أو أحمد أو غيرهما، وقال المناوي في حديث: (إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن (١) تفضيل التسمية بهذين محمول على من أراد التسمي بالعبودية: فتقديره أحب أسمائكم إلى الله إذا تسميتم بالعبودية عبد الله وعبد الرحمن؛ لأنهم كانوا يسمون عبد شمس وعبد الدار، فلا ينافي أن اسم محمد وأحمد أحب إلى الله تعالى من جميع الأسماء فإنه لم يختر لنفسه إلا ما هو الأحب إلى الله، هذا هو الصواب، ولا يجوز حمله على الإطلاق.

وقال الدميري: والتسمية بعبد النبي قيل تجوز إذا قصد بها النسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومال الأكثر إلى المنع خشية التشريك، كما لا تجوز التسمية بعبد الدار وقياسه تحريم عبد الكعبة، وفي الحديث الصحيح: (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي (٢))، وهو نص في جواز التسمية باسمه صلى الله عليه وسلم كما قال الأبي؛ لأن صيغة الأمر للإباحة، وفيه الرد على قوم منعوا التسمية باسمه جملة كني بأبي القاسم أم لا، ورووا في ذلك حديثا: (تسمون أولادكم بمحمد ثم تلعنونهم (٣))، وكتب عمر إلى الكوفة لا تسموا باسم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر جماعة بالمدينة بتغيير أسماء أبنائهم محمدا، حتى ذكر له جماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم سماهم بذلك فتركهم، والأشبه في فعل عمر ذلك أنه إعظام لاسمه صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث تسمونهم وتلعنونهم. وقيل: سببه أنه سمع رجلا يقول لابن أخيه محمد بن زيد بن الخطاب: فعل الله بك كذا يا محمد وصنع، فدعاه فقال: لا أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسب بك والله لا تدعى به أبدا، وسماه عبد الرحمن وبعبد الرحمن، كان يعرف.


(١) صحيح مسلم كتاب الأدب رقم الحديث ٢١٣٢.
(٢) صيح البخاري كتاب العلم، رقم الحديث ١١٠، صحيح مسلم كتاب الأدب رقم الحديث، ٢١٣٣.
(٣) كنز العمال، رقم الحديث ٤٥٢٠٠، و ٤٥٢٥٩.