للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرطبي: ولا حجة في شيء من ذلك، أما الحديث فهو غير معروف وعلى تسليمه فالنهي عن لعن من اسمه محمد لا عن التسمية بمحمد، وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على الترغيب في التسمية بمحمد، كقوله: (ما ضر أحدكم أن يكون في بيته محمد ومحمدان (١) وكقوله: ما اجتمع قوم على مشورة فيهم رجل اسمه محمد فلم يدخلوه فيها إلا لم يبارك لهم فيها، وأما ما روي عن عمر رضي الله عنه فسببه ما ذكر من قضية ابن أخيه، وكما تجوز التسمية باسمه صلى الله عليه وسلم تجوز بأسماء الأنبياء والصالحين، وكره الحارث بن مسكين التسمية بأسماء الملائكة، والنهي عن التكني بكنية النبي صلى الله عليه وسلم منسوخ عند الأكثرة وقيل عام، وقيل خاص بمن اسمه محمد انتهى ملخصا من ابن زكري ومن الحطاب: ومن شرح الشيخ عبد الباقي:

وفي المدخل قال القرطبي: قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، ثم قال: قال علماؤنا: ويجري هذا المجرى ما كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العجم والعراق من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية والثناء، كزين الدين ومجد الدين وعلم الدين، ولو كانت هذه الأسماء تجوز لما كان أحد أولى بها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والكنى الشرعية أن يكنى الرجل بولده أو بولد غيره وكذا المرأة، لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة حين وجدت على كونها لم يكن لها ولد تكنى به: (تكني بابن أختك (٢))؛ يعني عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وكذلك يجوز الكنى بالحالة التي كان الشخص متصفا بها، كأبي تراب وأبي هريرة وما أشبههما. وفي الحطاب: قيل لأبي الرقيس الأعرابي: لم تسمون أبناءكم شر الأسماء نحو كلب وذيب وعبيدكم بأحسنها نحو مرزوق ورباح؟ فقال: إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا وعبيدنا لأنفسنا، يريد أن الأبناء عدة الأعداء وسهام في نحورهم. والله سبحانه أعلم.


(١) كنز العمال رقم الحديث ٤٥٢٠٥.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ٣١٠.