يأتي في قوله:"وكأحلف وأقسم وأشهد إن نوى بالله"، واحترز بقوله:"بذكر اسم الله"، عن نية اسمه، فإن النية لا ينعقد بها اليمين على الراجح، والذي يظهر من كلامهم أن المراد بالنية هنا هو إنشاء كلام النفس، ففي الحطاب عن القرافي: هل تنعقد بإنشاء كلام النفس وحده أو لا بد من اللفظ؟ ثم نقل عن القوري أن من قال: لا يلزمه فما ذلك إلا لأنه لا إنشاء في النفس، وإنما يكون الإنشاء في الكلام اللساني. ابن عرفة: ويلزم أي الحلف باللفظ والنية، وفي مجردها روايتا الطلاق بها، وفي لزوم عكسه وكونه لغوا لا كفارة فيه قولان لها مع الشهور، وإسماعيل مع الأبهري واللخمي. الشيخ: رد بعض البغداديين قول عائشة: اللغو قول الرجل لا والله وبلى والله، لقول مالك لأنها لا تعني تعمد الكذب بل الظن، وإلى مذهب المدونة والمشهور أشار المص بقوله بعد هذا:"لا بسبق لسانه"، وقال: -أي ابن عرفة- وفي لزوم اليمين بالله مرادة بلفظ مباين لها كالطلاق بذلك نظر، وأخذه ابن رشد من نقله عنها من قال: لا مرحبا، يريد به الإيلاء مول، قال: وقيل معناه والله لا مرحبا بك؛ إذ لا يعبر عن اسم الله بغير اسمه والأظهر كاليمين بالنية. انتهى. وهو ظاهر. وقد سئلت عمن حلف، وقال: والله، ولم يذكر الهاء؟ فأجبت بأنه يتخرج على هذا. انتهى.
قال جامعه عفا الله عنه: وتحصل مما مر أن معنى حلفت بالله أو والله لأفعلن كذا أو تالله أثبت وحققت هذا الذي أخبر به يعني إثباتا وتحقيقا مؤكدين بذكر اسم الله أو صفته، فإنه لا يذكر اسمه أو صفته على ما هو باطل تنزيها لاسمه أن يعبث عند ذكره أو يكذب، فإذا كنت تستحيي من العبث وحالة غير مرضية بحضرة من هو ذو هيئة جليلة، فما ظنك باسمه عز وجل إذا ذكر؟ والله سبحانه أعلم.
أو صفته؛ يعني أن اليمين كما تنعقد بذكر اسم الله، تنعقد بذكر صفته، أما المعاني فلا إشكال في انعقاد اليمين بها، وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام، وأما المعنوية فقال الأبي في شرح مسلم: كان شيخنا يقول: في الحلف بالمعنوية نظر، ولا نظر فيه، بل الحلف بها ألزم؛ لأنه لم يختلف في كفر من نفى قادرية الله أي كونه قادرا، واختلف في كفر من نفى صفة المعاني، وأما السلبية فلا تنعقد بها اليمين كما في ابن عاشر عن ابن عرفة، ومن قال: إن القدم