جنسها. فقولنا: خبرية؛ لأن ذلك صيغتها، وقولنا (١): إنشائية؛ لأنها لا تحتمل التصديق والتكذيب، وقولنا: من غير جنسها احترازا من تكرار القسم، فإنه لا يسمى حالفا إلا إذا ذكر المحلوف عليه. وقد خصص الشرع هذا المعنى ببعض أفراده، وهو أن يكون المعظم ذات الله أو صفاته العلى كما صنع في الصلاة والصوم وغيرهما. قاله الحطاب.
وعرف المص اليمين بقوله: اليمين تحقيق ما لم يجب؛ يعني أن اليمين الموجبة للكفارة هي أن يحقق الحالف؛ أي يثبت شيئا لم يجب أي لم يكن معلوم الثبوت حالا كان أو مستقبلا، منفيا كان أو مثبتا، ممكنا كان أو ممتنعا، وأما الماضي فلا كفارة فيه؛ لأنه إما صادق أو لغو أو غموس كما في الأمير، وكما قاله غير واحد، فشمل كلامه الممكن عادة وعقلا، والممتنع عادة أو عقلا، ومفهومه أن الثابت عادة كوالله لا أحمل الجبل، أو عقلا كوالله لا أقتل فلانا الميت، فإنه ليس بيمين؛ لأن الواجب متحقق في نفسه، فلا معنى لتحقيقه؛ ولأنه لا يتصور فيه الحنث لما فيه من تحصيل الحاصل بخلاف الممكن والممتنع، ودخل في المكن عادة الممتنع شرعا، وما أوجبه الشرع كوالله لأصلين الظهر في وقتها أو ليزنين في هذه الليلة، فتجب الكفارة إن لم يصل الظهر في وقتها في الأول، وفي الثاني إن لم يزن في تلك الليلة والحكم أنه لا يجوز له الزنى، وليكفر عن يمينه، والفرق بين ما لا يتصور فيه الحنث فرجح فيه عدم الانعقاد، وما لا يتصور فيه البر فرجح فيه الانعقاد، أن امتناع الحنث لا يخل بتعظيم اسم الله تعالى، وامتناع البر يخل ويهتك الحرمة فيخرج إلى التكفير.
واعلم أن ما أخبر الشرع بوقوعه كوالله ليدخلن الجنة من مات على الإيمان لا فرق بينه وبين الواجب العقلي والعادي في الحكم قاله الشيخ بناني. وقول المص:"اليمين تحقيق ما لم يجب"، مراد المص باليمين هنا اليمين الموجبة للكفارة كما نص عليه غير واحد. والله سبحانه أعلم.
وعلق بتحقيق قوله: بذكر اسم الله؛ يعني أن اليمين الموجبة للكفارة هي أن تحقق أي تثبت ما لم يتحقق ثبوته بذكر اسم الله والباء للسببية. قاله الشيخ إبراهيم. أي بذكره حقيقة بأن تنطق بالاسم أو بالصفة، أو حكما لتدخل الألفاظ الصريحة إذا نوى بها القسم ولو لم يذكر اسم الله كما