وما مشى عليه المص في القرآن والمصحف هو المشهور، وروى ابن زياد عن مالك أنه لا كفارة فيهما نقله اللخمي.
ابن عبد السلام: والأظهر رواية ابن زياد؛ لأن المتبادر إلى الذهن من هذه اليمين إنما هو الحروف والأصوات، فهو الذي يخطر ببال الحالف حال اليمين، ولا سيما إن كان الحالف عاميا. قاله الش. وقال: إن محل الخلاف فيمن لا نية له أو له نية ونسيها، وأما من قصد القديم فإنه يحنث، أو الحادث فإنه لا يحنث بلا خلاف. انتهى. والواو في قوله:"والمصحف"، بمعنى: أو، وفي الخرشي ما نصه، قال سحنون: ومن حلف بالتورية والإنجيل في كلمة واحدة فعليه كفارة واحدة، وكذلك يلزمه اليمين إذا حلف بالكتاب أو بما أنزل الله، أو بسر الكتاب أو بسر المصحف أو القرآن، أو قال: وحق المصحف أو القرآن أو الكتاب، وأراد القديم.
وفي الحديث:(أن جميع ما أنزل الله من الكتب مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل على شئث خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى سيدنا إبراهيم عشر صحائف، وعلى موسى عشر صحائف قبل التورية (١)). انتهى.
فائدة: أول من جمع القرآن أبو بكر الصديق، وهو أول من سمى المصحف مصحفا، وأول من جمع الناس في القرآن على حرف واحد عثمان رضي الله عنه، وأول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي بأمر عبد الملك بن مروان، وقيل الحسن البصري ويحيى بن يعمر، وقيل نصر بن عاصم الليثي، وأول من قال القرآن مخلوق جهم في زمن بني أمية فقتل. والله سبحانه أعلم.
وإن قال أردت وثقت بالله ثم ابتدأت لأفعلن دين، قال الشيخ الخرشي: صورتها أنه قال بالله لأفعلن كذا في هذا اليوم -مثلا- ثم مضى ذلك اليوم ولم يفعل المحلوف عليه، فقيل له: حنثت، فقال: إنما أردت بقولي بالله وثقت به أو اعتصمت به ولم أرد تعليقه بأحلف ولا بحلفت ولا بأقسم ولا بأقسمت، فإنه يوكل لدينه ونصدقه في مقالته بلا يمين في الفتوى والقضاء. انتهى. وهذا الحكم خاص بالباء فلا يدين في الواو ولا في التاء، ولا فيما إذا قال: هالله، والظاهر أن مثل دخول الموحدة على الله دخولها على سائر الصفات فيما ذكر. قاله الشيخ عبد الباقي.