للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعظمته؛ يعني أن لفظ العظمة من الألفاظ التي تنعقد بها اليمين، فمن حلف بها وحنث وجبت عليه الكفارة، والعظمة من الصفات الجامعة فهي الكبرياء واستحقاق صفات المدح. وجلاله؛ يعني أن من حلف بجلال الله كما لو قال: وجلال الله لا دخلت الدار مثلا وحنث وجبت عليه الكفارة، والجلال صفة جامعة كالعظمة، ومحل كون الجلال والعظمة مما تنعقد به اليمين إن أراد المعنى القديم، وكذا إن لم يرد شيئا على ما يظهر من كلامهم، فإن أراد بهما الجلال والعظمة الذين جعلهما الله في خلقه لم تنعقد بهما اليمين. وإرادته؛ يعني أن الإرادة من الصفات التي تنعقد بها اليمين لأنها من صفات المعاني، وكذا لطف الله وغضبه ورضاه ورحمته وميثاقه عند الأكثر كما في ابن عرفة، إلا أن يريد الحادث في الخلق فإنها لا تنعقد. وكفالته؛ يعني أن من حلف بكفالة الله تعالى وحنث تجب عليه الكفارة، والكفالة هي الالتزام، والتزامه تعالى يرجع إلى خبره: وخبره كلامه وهو صفة من صفاته.

وكلامه؛ يعني أنه إذا حلف بهذه الصيغة، بأن قال: وكلام الله مثلا لا فعلت كذا وحنث، فإنه تجب عليه الكفارة. والقرآن؛ يعني أنه إذا حلف بالقرآن وحنث فإنه تجب عليه الكفارة، ومثل الحلف بالقرآن الحلف بكلمة منه أو آية أو سورة، ومحل كون الحلف بالقرآن يمينا إن نوى المعنى القديم أو لا نية له، لا إن نوى الحروف والأصوات المنزلة على محمد صلى الله عليه وسلم أو الجلد وما احتوى عليه فلا كفارة. قاله الشيخ بناني.

والمصحف؛ يعني أن من حلف بالمصحف وحنث تجب عليه الكفارة إلا أن يريد الجلد وما احتوى عليه، والدليل على أن لفظ القرآن يطلق على الجلد وما احتوى عليه نهيه صلى الله عليه وسلم عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو (١)، وأمره صلى الله عليه وسلم لعمر وبن حزم (أن لا يمس القرآن إلا طاهر (٢) قال ابن رشد: يريد المصحف بإجماع. قاله الشيخ محمد بن الحسن. ومثل الحلف بالقرآن والمصحف الحلف بالكتاب وبما أنزل الله. وأول من جمع القرآن أبو بكر، وهو أول من سمى المصحف مصحفا.


(١) صحيح البخاري رقم الحديث، ٢٢٩٩، صحيح مسلم رقم الحديث ١٨٦٩، الموطأ ص ٢٩٣.
(٢) الموطأ ج ١ ص ١٥٣.