للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحصل مما مر أن الحلف بالعهد على خمسة أقسام: الأوَّلُ: وعهدِ الله يمين إلا أن يريد المخلوق، الثَّاني علي عهد الله يمين ولا يصح أن يراد به المخلوق، الثَّالِثُ أعاهد الله فيه قولان، الرَّابع، لك علي عهد لا كفارة فيه أضيف العهد إلى الله تعالى أم لا إلا أنه إن أضيف إلى الله عز وجل يكون أعظم من أن تكون فيه كفارة فتلزم فيه التوبة والاستغفار، الخامس أعطيك عهدا لا كفارة فيه أيضا أضيف العهد إلى الله عز وجل أم لا.

مسألة: إذا قال علي كذا وكذا إذا لم ينو بها اليمين وادعى أنه أراد شيئا آخر صدق. انتهى. من البرزلي. قاله الحطاب.

وعزمت عليك بالله؛ يعني أن من قال لأحد عزمت عليك بالله أوأعزم عليك بالله إلا ما فعلت كذا فخالف فإنه لا كفارة عليه، سواء كسر همزة إلا أو فتحها، فهو كقوله: أسألك بالله لتفعلن كذات فأبى فلا شيء على واحد منهما، وأما أقسمت عليك بالله فيمين؛ لأنه فعل صريح في القسم، بخلاف أعزم أو عزمت فإنه غير موضوع للقسم ولا منقول إليه، غير أن العزيمة تستدعي التأكيد وهو يكون بالقسم ففيها شائبته، فإن ترك منها عليك كانت يمينا وإلا فلا. وفي الخبر (أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإبرار القسم أو المقسم (١))، وفيه معنيان، أحدهما أن الحالف إذا حلف على شيء مأمور أن يبر في يمينه وهذا لا خلاف في وجوبه أو ما يقوم مقام الوفاء بذلك وهو الكفارة، الثاني أن يكون المراد أن تبر يمين من حلف عليك وهذا على قسمين، تارة يشوبه معنى السؤال كقوله: بالله إلا ما فعلت كذا، وتارة لا يشوبه كأن يقول: والله لتفعلن ونحو ذلك، وسواء في هذا الإثبات والنفي ويندب إبراره في الوجهين، ويتأكد في الثاني لوجوب الكفارة عليه دون الأول وذلك إضرار به، وهذا كله مع عدم المعارض الشرعي وإلا عمل به، لما ثبت (أن أبا بكر رضي الله عنه لما عبر الرؤيا بحضرته صلى الله عليه وسلم، قال: أصبت بعضا وأخطأت بعضا، فقال: أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني، فقال: لا تقسم ولم يخبره (٢)). انتهى. قاله الحطاب.


(١) صحيح مسلم كتاب اللباس والزينة، رقم الحديث، ٢٠٦٦.
(٢) البخاري، كتاب التعبير، رقم الحديث ٧٠٤٦ ومسلم، كتاب اللباس والزينة رقم الحديث ٢٢٦٩.