للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبما قررت علم أن قوله: إن نوى بالله، شرط في لزوم اليمين في كل من الثلاثة كما مر.

وحاصله أن هذه الأفعال الثلاثة لصراحتها لا يشترط معها التصريح باسم الله أو صفته؛ إذ هي لصراحتها في حكم ذكر اسم الله أو صفته مع النية، فلو صرح باسم الله أو صفته فهو أحرى في اللزوم، وخرج عن ذلك ما إذا لم ينو ما ذكر فلا كفارة فيه كما علمت. وأعزم إن قال بالله؛ يعني أنه إذا قال: أعزم بالله لا أفعل كذا أو لأفعلن كذا، فإن ذلك يكون يمينا فتلزمه الكفارة إن حنث، وعلم من قوله: "إن قال بالله، أنه لا يكون يمينا إلا إذا قال بالله ولا تكفي نيته، نص عليه ابن يونس تبعا للأم، وجعله البرادعي كالثلاثة قبله قاله الشيخ الخرشي. قال: وعورضت بمسألة الإيلاء، ولو قال: أعزم ونوى بالله فهو مول، وفرق بتعلق حق الغير وهو الزوجة، فحمل على الحلف بخلافه هنا. انتهى. ونحوه للشيخ إبراهيم، ومثل أعزم عزمت بصيغة الماضي، والفرق بين أعزم والثلاثة قبله أن أعزم بمعنى أسأل إلا أنها تستدعي التأكيد، فلذا احتيج إلى التصريح بالجلالة، بخلاف الثلاثة فإنه لا يمكن فيها السؤال، فكانت نية الجلالة وما يقوم مقامها بمنزلة التصريح بها. والله سبحانه أعلم.

وفي أعاهد الله قولان؛ يعني أنه اختلف إذا قال أعاهد الله لا فعلت كذا أو لأفعلنه، فقال ابن حبيب: عليه الكفارة، ولعل وجهه أن تعليقه بما قصد عدمه يدل على الحلف به. قاله غير واحد. ويظهر أيضا أن ذلك يجري على القول بلزوم اليمين بلفظ مباين لها. والله سبحانه أعلم. وقال ابن شعبان: لا كفارة عليه؛ لأن العهد منه لله تعالى وليس بصفة، ولأنه لم يحلف بالعهد حتى يكون قد حلف بصفة من صفاته عز وجل، وهو الراجح كما نص عليه الشيخ الأمير، واستحسنه اللخمي. قاله الشيخ إبراهيم. وغيره. وخرج أبايع الله على أعاهد الله.

لا بلك علي عهد؛ هذا معطوف على قوله: "بذكر اسم الله"؛ يعني أنه إذا قال شخص لآخر: لك علي عهد أن أنصحك مثلا، فإنه لا يكون عليه كفارة إذا لم يفعل ذلك، وكذا لو قال: لك علي عهد الله؛ لأن هذا أعظم من أن تكون فيه كفارة فتلزم فيه التوبة والاستغفار، ويتقرب إلى الله بما استطاع من الخير. قاله الحطاب. أو أعطيك عهدا؛ يعني أنه إذا قال شخص لآخر أعطيك عهدا أن لا أفعل كذا، فإنه لا كفارة عليه إن خالف ما قال، ومثله أعطيك عهد الله.