للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو كفيل؛ يعني أنه لو قال الله كفيل لا أفعل كذا، أو لأفعلنه برفع الله فإنه لا كفارة عليه إن خالف؛ لإنه إخبار لا إنشاء إلا أن يريد به اليمين، وإن جر لفظ الجلالة في المسألتين لحنا وما بعده خبر فغير يمين أيضا عند عدم قصد اليمين، فإن قصد جره بحرف قسم مقدر فيمين ولو لم يقصد القسم، ولا يمين في: الله وكيل ولا في ربنا يعلم. وما في التلخيص وتبعه السعد من جعل ربنا يعلم يمينا يحمل على ما إذا قصد بها اليمين.

والنبي؛ يعني أن الحالف بالنبي والمصطفى والمختار والكعبة والمقام والبيت والعرش والكرسي والصلاة والصوم والزكاة وخاتم الصوم الذي على أفواه العباد ونحو ذلك من كل مخلوق معظم شرعا لا كفارة عليه إذا حنث، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (١))، فنهى عن اليمين بغير اسم الله وقيست الصفات على الأسماء، وهل يمنع الحلف بما ذكر وهو قول الأكثر وشهره في الشامل؟ وفي التوضيح أنه الأظهر أو يكره، وشهره الفاكهاني واقتصر التتائي وأحمد على كراهة الأخير عن ابن حبيب، وجعل مثله رغم أنفي لله، ومحل القولين إن حلف صادقا وإلا حرم اتفاقا، بل ربما كان بالنبي كفرا لأنه استهزاء به أي يفيد الاستهزاء، لا أنه قصده، وأما الحلف بما ليس بمعظم شرعا كالدماء ورءوس السلاطين والأشراف ونعمة السلطان وحياة أبي ورأس أبي وتربة أبي فلا شك في تحريمه ولا ينبغي أن يتلف فيه، وفي الموطإ والصحيحين عن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم (٢))، وإنما نهي عن الحلف بغير الله عز وجل لأن فيه تعظيم غير الله بمثل ما يعظم به الله، وإنما ذكر الآباء لأنه سمع عمر يحلف بأبيه، ويشهد لهذا قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (٣)).

واعلم أن توحيد الله عز وجل بالتعظيم على ثلاثة أقسام: واجب إجماعا كتوحيده بالعبادة والرزق والخلق فيجب على كل أحد أن لا يشرك معه تعالى غيره في ذلك، وما ليس بواجب


(١) صحيح البخاري، كتاب الإيمان والنذور، رقم الحديث ٦٦٤٦. صحيح مسلم، كتاب الأيمان، رقم الحديث ١٦٤٦. والموطأ، كتاب النذور، رقم الحديث ١٠٧٣٢.
(٢) صحيح البخاري رقم الحديث ٦٦٤٦. صحيح مسلم رقم الحديث ١٦٤٦. والموطأ رقم الحديث ١٠٣٧.
(٣) صحيح البخاري، كتاب الإيمان والنذور، رقم الحديث ٦٦٤٦. صحيح مسلم، كتاب الأيمان، رقم الحديث ١٦٤٦. والموطأ، كتاب النذور، رقم الحديث ١٠٧٣٢.