إجماعا كتوحيده بالعلم والوجود ونحوهما فيجوز أن يتصف بذلك غيره إجماعا، ومختلف فيه كالحلف به تعالى فإنه تعظيم له واختلف العلماء هل يجوز أن يشرك معه غيره فيه أم لا؟ وذهب بعضهم إلى أن محل النهي إنما هو في حق من قصد حقيقة الحلف لا إن جرى على لسانه من غير قصد، وإذا قلنا بالمنع فهل يمتنع أن يقسم على الله عز وجل ببعض مخلوقاته نحو: بحق محمد صلى الله عليه وسلم اغفر لنا أم لا يمتنع؟ انتهى. وقال الشيخ إبراهيم: منعه عز الدين إلا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وخالفه ابن عرفة واستدل بتوسل عمر رضي الله عنه بالعباس ولا دليل فيه، وكان عمر رضي الله عنه إذا قحط الناس يستسقي بالعباس رضي الله عنه، فيقول: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فاسقنا فيسقون، وفعل سيدنا عمر رضي الله عنه لذلك إنما كان بمحضر الصحابة ولم ينكره أحد فدل على جوازه. والله أعلم.
وفي ذلك يقول القائل:
بعمي سقى الله الحجاز وأهله … عشية يستسقي بشيبته عمر
توسل بالعباس في الجدب راغبا … فماكر حتى جاء بالديمة المطر
وهذا توسل وهو غير القسم، والقسم أن يقول: أقسمت عليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم وأما التوسل فالظاهر أنه جائز ولا يشكل على القول بالمنع قسمة تعالى ببعض مخلوقاته، كقوله تعالى:{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} إلى غير ذلك؛ لأن من العلماء من قال: تقديره أقسم برب الزيتون، وقيل: أقسم بها لينبه عباده على عظمتها عنده فيعظمونها، ولا يلزم من الحجر علينا الحجر عليه بل هو الملك المالك على الإطلاق يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون.