فعلت كذا أو إن لم أفعل كذا وحنث ثلث ماله حين يمينه، وقوله:"مالي في كسبيل الله"، لم يتكلم المؤلف على جواز الإقدام على ذلك، وقال ابن عرفة ما نصه: وفي جواز الصدقة بكل المال نقلا اللخمي رواية محمد، وقول سحنون في العتبية: من تصدق بكل ماله ولم يبق ما يكفيه ردت صدقته. انتهى. ثم اعترض ابن عرفة القول الثاني فانظره. وقال ابن عمر: المشهور أن ذلك جائز وإن لم يبق لنفسه، ودخل بالكاف الفقراء والمساكين والهدي وكل ما فيه قربة.
والحاصل أن الحالف بمالي في كسبيل الله يلزمه ثلثه حين حلفه ولا يعتبر ما زاد، فلا يلزمه إخراج ثلث الزائد إن حنث وقد زاد المال، وإنما يلزمه ثلث الموجود حين اليمين، وإن نقص المال حين الحنث فإنما يلزمه ثلث ما بقي ولا يلزمه ثلث الفائت رفقا به في البر اتفاقا وفي الحنث على المشهور، ومقابله لابن المواز أن ما هلك في الحنث لتفريطه قبل الحنث يعتبر، فيلزمه ثلثه حين اليمين وقد علمت أن المشهور خلافه، وأما ما تلف بعد الحنث بدون تفريط فلا شيء عليه فيه اتفاقا وبتفريط في كونه كذلك ولزوم ثلثه قول هباتها مع الواضحة وأصبغ عن ابن القاسم. سحنون: وما أنفقه بعد حنثه في لغوه ولزوم ثلثه نقلا ابن رشد عن سماع يحيى، ونقله عن محمد عن ابن القاسم، انتهى. ونص المدونة في كتاب الهبات: وإن لم يخرج ثلث ماله حتى ضاع ماله كله فلا شيء عليه فرط أو لم يفرط، وكذلك إن قال ذلك في يمين فحنث فلم يخرج ثلثه حتى تلف جل ماله فليس عليه إلا إخراج ثلث ما بقي. انتهى. حرره الشيخ بناني.
وقد علمت أن المشهور أنه إن نقص لا يلزمه إلا ثلث ما بقي نقص بسببه أو غيره بعد الحنث أو قبله، قال الشيخ عبد الباقي: وفرض المص الكلام في يمين يفيد أنه لو نذر ماله في سبيل الله تعالى فإنه يلزمه ثلث ما نقص بنفقة لا بتلف ولو بتفريط، فإنما يلزمه ثلث ما بقي يوم الإخراج. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن: ما ذكره من أنه يلزمه ثلث ما أنفق في النذر دون اليمين أصله لأحمد، وتبعه الأجهوري، وقال الرماصي: ولم أر ذلك التفريق لغيرهما، وظاهر كلام المدونة وابن رشد وابن عرفة وغيرهم التسوية بينهما فلا يلزمه ثلث ما أنفق في نذر ولا يمين، وقول المؤلف حين يمينه فرض مسألة. والله أعلم انتهى.