للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشي، وقوله: "ولغا علي" لخ، الفرق بينه وبين لزوم المشي لمكة لمن نذره أن العرف إنما جرى بلفظ المشي، ولأنه الوارد في السنة بخلاف غيره من الألفاظ المذكورة.

وبما قررت علم أن معنى قوله: "لغا" بطل. والله سبحانه أعلم.

ومطلق المشي؛ يعني أنه يبطل قول الشخص علي المشي من غير تقييد بمكة ولا بيت الله تعالى لا لفظا ولا نية؛ لأن المشي على انفراده لا طاعة فيه هذا مذهب ابن القاسم، وقال أشهب: يلزمه المشي إلى مكة، وقال ابن حبيب: إن كان بموضعه مسجد جمعة لزمه الإتيان إليه، وقاله مالك، وبه أفتى ابن عباس في مسجد قباء وهو من المدينة على ثلاثة أميال. قاله الشارح عند قوله: "ومطلق مسجد". ومشي لمسجد؛ يعني أنه يبطل قول الشخص لله علي المشي لمسجد عينه من غير المساجد الثلاثة، فلا يلزمه شيء علقه أم لا. وإن لاعتكاف؛ يعني أنه لا فرق في عدم لزوم المشي إلى المسجد المعين من غير المساجد الثلاثة بين أن ينذر المشي إليه لاعتكاف أو صلاة، وبين أن ينذر المشي إليه لغيرهما لخبر: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى (١)). ولا يعارضه خبر: (من نذر أن يطيع الله فليطعه (٢)؛ لأنه عام فيخص بهذا. قاله الشيخ عبد الباقي.

وقال قال الشارح: ولو قال: وإتيان أي لغا إتيان مسجد لكان أحسن؛ لأن ظاهره جواز إتيانه راكبا وليس كذلك، قال التتائي: ويجاب بأنه إنما ذكر عدم اللزوم فيما يتوهم أنه قربة فأولى غيره، وأجاب الشيخ سالم بقوله: ولعل المص إنما عبر بقوله: "ومشي لمسجد": لأجل قوله: إلا القريب جدا؛ يعني أنه إذا كان المسجد الذي عينه الناذر من غير المساجد الثلاثة وهو قريب جدا فإنه اختلف، هل يلزم من نذر الاعتكاف فيه أو الصلاة فيه أن يذهب إليه ماشيا لا راكبا أو يترك الذهاب إليه بالكلية فلا يأتيه راكبا ولا ماشيا، ويلزمه فعل ما نذره بموضعه كالمسجد غير القريب جدا، والقريب جدا هو ما على ثلاثة أميال. وقال الإمام الحطاب: هو ما لا يحتاج فيه لإعمال المطي وشد الرحال. انتهى.


(١) صحيح البخاري، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، رقم الحديث ١١٤٩، صحيح مسلم، كتاب الحج، رقم الحديث ٥١١.
(٢) الموطأ، كتاب الأيمان والنذور، رقم الحديث ١٠٣١، صحيح البخاري كتاب الأيمان والنذور، رقم الحديث ٦٧٠٠.