وإلى هذا الخلاف المذكور أشار بقوله: فقولان؛ أي في ذلك قولان في نذر الصلاة والاعتكاف تحتملهما؛ يعني أن هذين القولين تحتملهما المدونة، فظاهر المدونة عند اللخمي وابن يونس أن لا شيء عليه، لقوله: ولو نذر الصلاة في غيرها من مساجد الأمصار صلى بموضعه، وقال ابن المواز: إن كان المسجد قريبا جدا كالأميال اليسيرة فليأته ماشيا كما التزم وهو لمالك أيضا، واستحسنه اللخمي. ومشي للمدينة؛ يعني أنه يبطل قول الشخص: لله علي مشي للمدينة أو ذهاب أو سير للمدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فلا يلزمه شيء وتوقف الشيخ عيسى الغبريني في ناذر زيارته -صلى الله عليه وسلم- لعدم النص، واستظهر غيره اللزوم لتحقق القربة، وأنكر ابن العربي زيارة قبر غيره عليه الصلاة والسلام وعده الغزالي في المندوبات، وأجاز الرحلة له في آداب السفر. قاله الإمام الحطاب.
وإيلياء؛ يعني أنه إذا قال لله علي أن آتي أو أمشي إلى بيت المقدس وهو المراد بإيلياء بوزن كبرياء، فإنه لا يلزمه الذهاب إليه لا ماشيا ولا راكبا. إن لم ينو صلاة بمسجديهما؛ يعني أن من نذر المشي أو الإتيان إلى المدينة أو إيلياء محل عدم لزوم الذهاب له إليهما حيث لم ينو صلاة بمسجديهما، وأما إن نوى الصلاة في مسجديهما فإنه يلزمه أن يأتيهما ليصلي فيهما، وظاهره ولو كانت الصلاة نافلة، وقد مر أن إيلياء بوزن كبرياء، وحكي تشديد الياء، ويقال فيها: أيلة بفتح الهمزة واللام، وحكي حذف الياء الأولى وكسر الهمزة مع سكون اللام والمد.
ومن أسمائه بيت المقدس بفتح الميم وسكون القاف وكسر الدال، والبيت المقدس بضم ففتح وتشديد أي الطهر وتطهيره خلوه من الأصنام وإبعاده منها، والأرض المقدسة هي ما أدرك بصر إبراهيم صلى الله وسلم على نبينا وعليه حين رفع على الجبل وقيل له: ما أدرك بصرك فهو ميراث لك ولولدك من بعدك، قال الكلبي: صعد إبراهيم صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه جبل لبنان فقيل له: انظر فما أدرك بصرك فهو مقدس وهو ميراث لذريتك، والأرض المقدسة هي الطور وما حوله، وقيل هي أريحاء وفلسطين وبعض الأردن، وقيل هي دمشق، وقيل هي الشام كلها وفلسطين بفاء مكسورة فلام مفتوحة، والأردن بهمزة مضمومة فراء ساكنة فدال مهملة مضمومة فنون مشددة، ودمشق ولإيلياء أسماء كثيرة نحو من أحد وعشرين اسما، منها فسط مصر بضم