لكنهم أخطئوا لخروجهم بغير إذن الإمام، ويقاتل ويبارز بدون إذن الإمام إن كان غير عدل وإلا فلات وإنما يفترق العدل وغيره في الاستئذان لا في الطاعة إذا أمر بشيء أو نهى عنه، فيطاع ما لم يأمر بمعصية فلا يطاع.
والحاصل أنه لا يخرج أحد إلا بإذن الإمام إذا حضر وكان عدلا، وإن كان غائبا وتبينت غرة ولم يخافوا على أنفسهم ولم يغروا بها فلهم ذلك، وأما غير العدل فيقاتل ويبارز بغير إذنه ولا يستاذن الإمام عند المفاجأة، لكن إن نزل العدو بساحتهم والوالي قريب استأذنوه، فإن كان بعيدا فلا يدعوهم حتى يقعوا بهم بل يقاتلونهم، وفي سماع زونان وهو عبد الملك بن الحسن سئل عبد الله بن وحب عن القوم يواقفون العدو، هل لأحد أن يبارز بغير إذن الإمام؟ فقال: إن كان الإمام عدلا لم يجز له أن يبارز إلا بإذنه، وإن كان غير عدل فليبارز وليقاتل بغير إذنه، قلت له: والمبارزة والقتال عندك واحد؟ قال: نعم.
وسقط بمرض؛ يعني أن الجهاد الذي هو فرض كفاية يسقط وجوبه بالمرض الشديد، لقوله تعالى:{وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}، وأما إذا تعين بفجإ العدو فلا يسقط كما قاله الشيخ الخرشي، ولفظه: والمعنى أن المرض الشديد يمنع من وجوب الجهاد ما لم يفجأ العدو. انتهى. وقال الشيخ الأمير: وإنما يجب على ذكر مكلف حر قادر، فعلم سقوطه بأضدادها، وتعين على كل أحد بفجإ العدو. انتهى. وصبا؛ يعني أن الجهاد الذي هو فرض كفاية وجوبه ساقط عن الصبي، فلا يجب عليه، وأما إن تعين بفجإ العدو فلا يسقط عنه وجوبه كما مر، وفيه أن الصبي لا يخاطب بالوجوب إلا أن يريدوا بذلك جبره عليه كمكارم الأخلاق. قاله الشيخ الأمير.
وجنون؛ يعني أن الجهاد ساقط وجوبه عن المجنون. وعمى؛ يعني أن الأعمى ساقط عنه وجوب الجهاد. وعرج؛ يعني أن الجهاد ساقط وجوبه عن الأعرج، وظاهر قول الأمير: وتعين على كل أحد بفجء العدو شموله للأعرج، ونحوه للشيخ إبراهيم. والله سبحانه أعلم. وأنوثة؛ يعني أن الجهاد الذي هو فرض كفاية ساقط وجوبه عن النساء، وأما إن تعين بفجء العدو فلا يسقط بالأنوثة ولا بالرق ولما بالصبا، ففاعل سقط ضمير يعود على فرض الكفاية.