وسئل مالك عن الرجل من أهل الأندلس وأراد أن يلحق بالمصيصة والسواحل وله ولد وأهل بالأندلس، أترى له في ذلك سعة؟ قال: نعم، ثم قال: أيخشى عليهم الضيعة؟ قال: نعم، فكأنه لم يعجبه ذلك حين خاف الضيعة، قال ابن رشد: وهذا كما قال لأن قيامه عليهم وترك إضاعتهم واجب عليه، خلاف الغزو والرباط لا ينبغي لأحد أن يضيع فرضا واجبا عليه بما هو مندوب إليه. انتهى. قاله الإمام الحطاب وقوله:"كوالدين"، سواء منعا منه أو أحدهما وسكت الآخر فيسقط وجوبه، وأما لو منع أحدهما وأجاز الآخر فينبغي تقديم المانع. قاله الشيخ عبد الباقي. وفي المدونة: وإذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء وليس لأبيه منعه، قال ابن محرز: هذا على مقتضى الحكم، ولو سئل على مقتضى البر لقال له منعه. انتهى. وإن منعه أحد الوالدين من نكاح امرأة وجبت عليه الطاعة، إلا إن خشي الوقوع معها في معصية بولوعه وصبابته بها. والله تعالى أعلم. قاله في نوازل ابن هلال. ونقل جسوس عن ابن حجر أن الولد لو أمره والده بنحو فراق حليلته لم تلزمه طاعته وإن تأذى بذلك كثيرا، والظاهر أنه إذا فعل معه ما لا يسميه الناس إذاية فإن ذلك لا يكون عقوقا، وإن لم يقنع بذالك منه. انتهى منه على الشمائل للترمذي. كتجر ببحر؛ يعني أن الوالدين لهما أن يمنعا الولد من التجر ببحر لا فيه من الخطر أي الغرر، أو خطر، بكسر الطاء؛ يعني أن الوالدين لهما أن يمنعا الولد من السفر في البراري الخطرة أي ذات الخطر بفتح الطاء أي الغرر، وحيث لا خطر لا يجوز لهما المنع، وهذا في سفر البحر لمعاشه، وأما إن كان للفضول فيمنعه ولو في البر الآمن. قاله الشيخ إبراهيم. وقال: إنهما لا يمنعانه من المعلم الكفائي إذا خلا محلهما عمن يقوم بفرض الكفاية، وقوله:"كتجر ببحر" الخ، كذا في بعض النسخ وهي الصواب، وفي بعضها بإسقاط قوله:"كتجر"، وفيها نظر إذ لهما منعه من فرض الكفاية ببر آمن. لا جد؛ يعني أن الجد والجدة وإن كان يجب برورهما لا يبلغ بهما مبلغ الوالدين في المنع له مما ذكر، قال سحنون: وأحب إليَّ أن يسترضيهما يعني الجد والجدة ليأذنا له، فإن أبيا فله أن يخرج، وقيل إن الأجداد في البر كالأباء فلا يجوز الخروج إلى الجهاد إلا بإذنهما، ذكره في الإكمال، وقوله:"لا جد"؛ أي وإن كان دنية، وكذا الجدة.