والكافر كغيره في غيره؛ يعني أن الوالد الكافر أبا أو أما كالوالد المسلم في أنه الولد من السفر لفروض الكفاية إلا الجهاد، فليس له المنع منه، ونقل عن سحنون أن لهما المنع من الجهاد إلا أن يعلم أن منعهما ليوهنا الإسلام. انتهى. ويظهر من كلام الشيخ بناني أن تفصيل سحنون هذا مقابل لا تقييد للمذهب. والله سبحانه أعلم. ودعوا للإسلام؛ يعني أنه لا يقاتل العدو حتى يدعوا إلى الإسلام جملة من غير ذكر الشرائع إلا أن يسئلوا عنها فتبين لهم سواء بلغتهم الدعوة أم لا، وتكرر الدعوة ثلاثة أيام متوالية كالمرتد، وقيل ثلاث مرات في كل يوم. قاله الشاذلي. وقوله:"ودعوا للإسلام"، قال الشيخ إبراهيم: وجوبا ثلاثة أيام، كما قال الفاكهاني خلافا لابن عرفة في أنها ثلاث مرات، وقوله:"للإسلام"؛ أي لما يحصل به الإسلام المعتبر، حتى يدخل في ذلك من يقر بالشهادتين إلا أنه يزعم عدم عموم رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله:"ودعوا للإسلام"؛ أي ما لم يعاجلونا بالقتال، فإن عاجلونا به وجب ترك الدعوة جميعها إلا أن يمكن فعل بعضها فيجب فعل ما أمكن فعله. قاله الشيخ إبراهيم. وقال الشيخ عبد الباقي: وظاهر قوله كالمرتد؛ -يعني ما تقدم عن الشاذلي- أن كل مرة فرض، وأن كل مرة في يوم، فإذا دعوا في اليوم الثالث أوله قوتلوا أول الرابع بغير دعوة، والمراد بالإسلام ما يحصل به الإنقاذ من الكفر وهو الشهادتان فيمن لم يقر بمضمونهما، وعموم رسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم فيمن ينكر العموم، فمراده تدعى كل فرقة إلى الخروج عما كفرت به. انتهى. وقال الشارح أحمد بن عبد الله الدميري تاج الدين بهرام: واختلف الأشياخ في الدعوة، فمنهم من يرى أن المذهب كله على وجوبها فيمن بعدت داره عن المسلمين، ومنهم من يرى أن المذهب على أقوال ثلاثة وجوبها وعدمه والفرق، فتجب فيمن بعدت داره بخلاف غيره، فلا يدعوا لعلمهم بالدعوة ولتطلب غرتهم، ومنهم من زاد قولا رابعا الفرق فإن كان جيش المسلمين كثيرا آمنا وجبت وإلا فلا.
ابن عبد السلام: جعل الخلاف في الوجوب لا تساعده الروايات إذا تأملت ألفاظها. والذي لا شك فيه أنه إذا لم يعلم حال العدو وهل بلغته الدعوة أم لا أن الدعوة مستحبة لأن الغالب بلوغها إليه، وإن انضاف إلى ذلك رجاء الإجابة وجبت. ثم جزية؛ يعني أنه إذا دعونا العدو للإسلام فامتنعوا من قبوله فإنهم يدعون إلى أداء الجزية إجمالا إلا أن يسئلوا عن تفصيلها فتبين لهم،