للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاله الحطاب. وقد علم أن المراد بالتخليل إيصال الماء إلى البشرة، ولهذا قال سند: المذهب استواء كثيف اللحية وخفيفها في عدم وجوب التخليل، وهذا ليس مخالفا لما مر من وجوب التخليل لما علمت، ودليل عدم وجوب تخليل الكثيفة (أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة (١)) وكانت لحيته كثيفة ولا يصل إلى بشرتها بمرة واحدة، وأيضا فإن الوجه اسم لما تقع به المواجهة، وقد خرج ما تحت الشعر عن المواجهة، وانتقلت المواجهة إلى ما ظهر من الشعر. ابن حجر: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ليس في تخليل اللحية شيء صحيح، وإذا قلنا بوجوب تخليل اللحية الكثيفة فهل ذلك حتى يصل الماء إلى داخل الشعر فقط؟ أو لا بد من وصول الماء إلى البشرة؟ في ذلك قولان حكاهما المازري، وهل يصرف أصابعه فيها؛ يعني على القول بتخليلها من أعلاها أو أسفلها قولان، والفرق بين وجوب تخليلها، أي الكثيفة في الغسل وعدمه في الوضوء حيث فرعنا على المشهور أن المطلوب في الغسل المبالغة لقوله تعالى: {فَاطَّهَّرُوا}، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشرة (٢)) رواه الترمذي والنسائي وأبو داوود، لكن ضعفه أبو داوود والوضوء إنما أمر فيه بغسل الوجه، والوجه مأخوذ من المواجهة، وفي الحطاب عن الفاكهاني أن من المواضع المختلف فيها موضع التحذيف؛ وهو الشعر الذي بين ابتداء العذار والنزعة، وهو الداخل إلى الجبين من جانبي الوجه، فالصحيح أن ذلك من الرأس، والتحذيف بالذال المعجمة وسمي بذلك لأن النساء والأشراف يحذفون الشعر عنه ليتسع الوجه، فعلم من هذا أن الشعر الذي في الصدغين ليس من الوجه إلا ما كان داخلا من ذلك في دور الوجه كالأغم. انتهى. وفهم من قوله: "تظهر البشرة تحته" أنه لو كان بعضه خفيفا وبعضه كثيفا لكان لكل حكمه كما في الشبراخيتي لا جرحا برئ؛ يعني أنه لا يجب غسل الجرح إذا برئ غائرا؛ أي لا يجب دلكه بالماء حيث لا يمكن دلكه، ويوصل الماء له، لأنه من الظاهر، ولو نبت الشعر حوله وستره دلكه وأوصل الماء إليه إلا أن يشق إيصال الماء إليه أو خلق؛ يعني أن من خلق الله له عضوا غائرا أي فيه كالجرح الغائر فإنه لا يجب عليه دلكه بالماء حيث لم يمكنه دلكه، ويوصل


(١) عن ابن عباس قال: توضأ النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة مرة. البخاري، كتاب الوضوء، رقم الحديث: ١٥٧.
(٢) الترمذي، أبواب الطهارة، رقم الحديث: ١٠٦. - ابن ماجه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٥٩٧.