للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الماء له لأنه من الظاهر: ولو نبت الشعر حوله وستره دلكه وأوصل الماء إليه إلا أن يشق إيصال الماء إليه، وكذا يقال في المسح إذا كان في الرأس. فقوله: غائرا حال، وهو في المعنى راجع للمسألتين فيكون قيدا في إحداهما، وتقيد الأخرى بمثله حذف لدلالة المذكور عليه والله سبحانه أعلم، وبما قررت علم أن قوله: "غائرا" لا بد أن يكون استغواره كثيرا يشق إيصال الماء إليه باليد، ولو كان أثر الجرح ظاهرا لوجب غسله، ومفاد غير واحد أن قوله: "غائرا" يتناول جميع الأعضاء فيعم الرأس وغيره، وليس خاصا بالوجه، ففي الشبراخيتي ومن برأ منه جرح غائرا أو خلق كذلك ولم ينبت فيه الشعر: ونبت الشعر حوله وطال بحيث ستره، فإنه يجب مسحه حيث أمكن مسحه، ولا يكفي مسح ما حوله من الشعر إلا أن يشق ذلك فيترك مسحه. انتهى. وقال هو وغيره: ولو أثقبت يده بسهم واندملت نافذة لزمه غسل داخلها إن أمكن: أو إيصال الماء إليها إن لم يمكن، ولو اتصل طرفاها لم يكن عليه ثقبها. انتهى. وفيه أيضا أن تقييد المصنف بالغور الكثير غير محتاج إليه؛ لأن الشيء إذا أطلق ينصرف للفرد الكامل منه، والفرد الكامل من ذلك هو الاستغوار الكثير. انتهى. ولا خلاف بين أرباب المذاهب أنه لا يشترط غسل داخل العينين، ويؤثر عن ابن عمر أنه كان يفعله حتى عمي، واستحبه بعض الشافعية لفعل ابن عمر: قاله الحطاب. وقوله: برأ بفتح الراء في الماضي فتفتح: وتضم في المضارع، وبكسرها فتفتح فيه، وبضمها فتضم في المضارع. وقوله: "لا جرحا برئ" عطف على ما من قوله: "غسل ما بين الأذنين". ومقتضى ما تقدم أنه يفسر الغسل في المعطوف بما يعم الغسل والمسح والله أعلم.

ولما أنهى الكلام على فريضة غسل الوجه، وهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع أتبعها بالكلام على فريضة غسل اليدين، وهي أيضا ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع فقال: ويديه؛ يعني أنه يجب على المتوضئ أن يغسل يديه جميع الكفين والأصابع والساعدي. بمرفقيه؛ يعني أنه يجب على المتوضئ أن يغسل ذلك مع المرفقين، والمرفق بكسر الأول وفتح الثالث، وبالعكس معناه هنا آخر عظم الذراع المتصل بالعضد، وبهما قرئ قوله تعالى {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا}؛ أي ما يرتفق وينتفع به، وعبر المصنف بالباء التي بمعنى مع دون إلى إشارة إلى أن إلى في قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} بمعنى مع، على حد: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}، وعلى حد قوله