للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكدهن متجسد لا غير متجسد فليس بمانع في غسل ولا مسح، (وكان صلى الله عليه وسلم يرى وبيص الطيب في مفرقه (١))؛ أي بريقه، وما زالت نساء الصحابة تجعلن الطيب في رؤوسهن، وكمداد متجسد لغير كاتب، وله إن رآه قبل الصلاة لا بعدها إذا أمَرَّ الماء عليه، ومثل الكاتب صانعه وبائعه، وما يكتب في أعضاء الوضوء لتداو يمسح عليه فوق حائل؛ كالرمد إذا خشي عليه بالمسح زواله، وشق إعادة كتبه، وكشمع وزيت لإخضاب، وينبغي تقييده بأثره إذ جرمه متجسد قطعا، ولا يد صباغ بشرط حكها، وكطين. ولفظ الأمير: لا إجالة الخاتم ولو منع الماء إن كان مباحا وحرك واسع غيره، ونقض ضيقه ككل حائل. ثم قال: والظاهر لا يجب تعميم الخاتم نيابة عما تحته بخلاف الشوكة. وقوله: "ونقض غيره" هو بالضاد فعل ماض يحتمل أن يكون بسيطا، والفاعل ضمير يعود على المتوضئ، وأن يكون مركبا والنائب غيره، والضمير في قوله: "غيره" يعود على خاتمه؛ أي ونقض غير الخاتم من كل حائل، فيدخل فيه ما تكثر النساء به شعورهن، وما يلصق بالظفر أو الذراع أو غيرهما من عجين وزفت وغير ذلك، وهذا قول ابن القاسم وهو الصحيح المشهور، ومقابله ذكره ابن رشد فيمن توضأ وقد لصق بظفره أو ذراعه الشيء اليسير من العجين أو القير أو الزفت فإنه ذكر في ذلك قولين، وقال: الأظهر منهما تخفيف ذلك، وقال في الطراز: الصحيح المشهور من الذهب وجوب الإيعاب، وأنه إن ترك لعة من مفروضاته لم يجزه، وهو قول الشافعي. وحكى الباجي عن محمد بن دينار فيمن لصق بذراعه خيط من العجين أو غيره فلا يصل الماء إلى ما تحته فيصلي بذلك: لا شيء عليه. وقول ابن القاسم: عليه الإعادة، ومحل القولين بعد الوقوع والنزول، وأما ابتداء فلا بد من إزالته كما للشيخ ميارة، ووجه المذهب قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}، وهذا لم يغسل وجهه وإنما غسل وجهه إلا لمعة. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أسبغوا الوضوء (٢) وقوله لمن ترك قدر ظفر على رجله:


(١) عن عائشة قالت كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو محرم. البخاري في الجامع الصحيح، كتاب الغسل، رقم الحديث: ٢٧١.
(٢) النسائى، رقم الحديث: ١٤٢.