للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجهاد عليها وقد تندب، وفي الحديث: (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نضل (١)) أخرجه أبو داوود والترمذي وأحمد بن حنبل في مسنده. وصححه الحاكم. والخف للبعير، والحافر للفرس، والسبق بفتح الموحدة: المال المأخوذ في المسابقة؛ أي لا عوض يستحق إلا في خف الخ، ويروى بالسكون مصدرا، والنضل بفتح النون وسكون الضاد المعجمة أي السهم. قاله الشيخ بناني. وفي الرسالة: ولا بأس بالسبق بالخيل وبالإبل وبالسهام والرمي.

الزناتي: إنما قال ذلك لأنه من اللهو واللعب، فينبغي أن لا يشتغل بشيء منه، لكن لما كانت هذه الأشياء مما يستعان به في الجهاد في سبيل الله تعالى الذي هو طريق إلى إظهار دين الله تعالى ونصرته، جاز لما فيه من منفعة الدين وما يؤدي إلى عبادة أو يستعان به في عبادة فهو عبادة، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المتصفين من الرجال بأوصاف الكمال إذ بالناس حاجة إليه، فقال: من ركب وعام وخط وخاط ورمى بالسهام فذلك نعم الغلام، وقال: (كل لهو يلهوه المؤمن فهو باطل إلا لهوه بفرسه وقوسه أو زوجة (٢)). قاله الحطاب. وقوله: "بجعل"، وأولى بغيره، وإنما قال: بجعل؛ لأنه محل الخلاف، وأما بغيره فهو جائز باتفاق، وسيأتي قوله: "وجاز فيما عداد مجانا"، ولا تدخل الفيلة في ذي الخف ولا الحمار في ذي الحافر؛ لأنه لا يقاتل عليهما كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، والأظهر عند الشافعية الجواز لدخولهما في الخبر المذكور. قاله الشيخ إبراهيم.

وذُكِر أن هارون الرشيد كان يعجبه الحمام ويلهو به، فأهدي إليه حمام وعنده أبو البحتري وهب بن وهب، وكان قاضيا ولي بغداد بعد أبي يوسف، فروى بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (لا سباق إلا في خف أو حافر أو جناح)، فزاد في الحديث: أو جناح لأجل الرشيد، فأعطاه جائزة سنية ثم أمر بالحمام فذبحت. فقيل له، ولماذا؟ فقال: من أجل ما كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فترك العلماء الرواية عنه لذلك، ولغيره من موضوعاته، كذا في حياة الحيوان. قاله الشيخ إبراهيم. إن صح بيعه؛ يعني أنه يشترط في جواز المسابقة بجعل أن


(١) سنن أبي داوود، كتاب الجهاد، رقم الحديث، ٢٥٧٤. سنن الترمذي، كتاب الجهاد، رقم الحدث، ١٧٠٠. مسند أحمد، ج ٢ ص ٤٧٤.
(٢) سنن الترمذي، كتاب فضائل الجهاد، رقم الحديث ١٦٣٧.