للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبقه غيره، ودخلوا على أن من سبق أخذ الجميع أي الجعلين اللذين أخرجهما المتسابقان، فإن المشهور عن مالك منع ذلك، والجواز مع المحلل لابن المسيب، وقال به مالك مرة، وعلى قول ابن المسيب: لو استوى الثلاثة في الوصول إلى الغاية أخذ كل واحد من المتسابقين جعله، ولا شيء للمحلل، وإن سبق أحد المتسابقين أخذ الجميع، وكذا إن سبق المحلل أخذ الجميع، وإن سبق المتسابقان دون المحلل أخذ كل واحد جعله، وإن سبق أحدهما مع المحلل أخذ السابق منهما جعله وقسم جعل المسبوق بينه وبين المحلل نصفين. كذا في الحطاب. ومفهوم قوله: "يمكن سبقه"، أنه لو لم يمكن سبقه لم تجز المسابقة حينئذ وهو كذلك بلا خلاف، قال الإمام الحطاب: وأما إذا لم يمكن سبقه فلا قائل بالجواز، وأما لو تحقق سبقه ففي الحديث: (من أدخل فرسا بين فرسين وهو يعلم أنه يسبقهما فهو قمار (١))، وعلى هذا فهو ممنوع خلاف ما لأحمد الزرقاني. انظر شرح عبد الباقي. وتقدم عن الإمام الحطاب الخلاف فيما يحصل به السبق، وتقدم أن العرف يعتبر في ذلك.

وتحصل من كلامهم أن المخرج للجعل لا يخلو إما أن يكون متبرعا أي ليس أحد المتعاقدين، والحكم فيها الجواز اتفاقا، وظاهر كلام الشارح وغيره سواء كان الجعل للسابق أو غيره، وإما أن يكون المخرج له أحد المتعاقدين، فإن دخلا على أنه إن كان المخرج مسبوقا أخذه السابق، وإن سبق المخرج فلمن حضر جاز أيضا اتفاقا عند ابن رشد، وإما أن يكونا قد أخرجاه معا فإن دخلا على أن السابق منهما يأخذ ذلك منع عقدها، ويكون ذلك لربه، فإن كان ليأخذه المسبوق جاز، والمنع فيما إذا كان على أن يأخذه السابق حاصل ولو كان معهما أحد لم يخرج شيئا، ويمكن أن يسبق وأن لا يسبق، فإن سبق بفتح الباء غنم، وإن سبق بضم السين لم يغرم شيئا، وأولى في المنع لو قطع بأنه مسبوق. والله تعالى أعلم.

واعلم أن السابق من الحلبة يسمى بالمجلي بضم الميم وشد اللام، والذي يليه في السبق يسمى بالمصلي، ومنه قوله:


(١) سنن أبى داوود، كتاب الجهاد، رقم الحديث، ٢٥٧٩، وسنن ابن ماجه، كتاب الجهاد، رقم الحديث، ٢٨٧٦.