للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم: (إن الله ورسوله لغنيان عنها (١))؛ يعني المشاورة. والله سبحانه أعلم. (لكن جعلها الله رحمة لأمتي). نقله الشيخ إبراهيم.

وقضاء دين الميت المعسر؛ يعني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخصوص بأنه يجب عليه أن يقضي دين الميت المسلم من ماله الخاص به بشرطين، أحدهما: أن يعجز عن الوفاء به، وحو معنى المعسر، ثانيهما: أن يتداينه في غير معصية أو فيها وتاب منها. وأحاديث الحبس عن الجنة منسوخة اتفاقا بوجوب القضاء من بيت المال على الولاة بالقيدين المذكورين، وإنما كان ذلك قبل أن تفتح الفتوحات، فيأثم منهم من لم يفعل إن كان حق الميت منهم في بيت المال؛ يعني بقدر ما عليه من الدين وإلا سقط، وفي الحديث: (من ترك دينا أو ضياعا فعلي وإلي) (٢)؛ أي فعلي قضاؤه وإلي كفاية عياله، قال ابن بطال: هذا ناسخ لتركه الصلاة على من مات وعليه دين، وقوله: "الميت"، قال غير واحد: لا مفهوم له بل الحي كذلك، قال الشيخ بناني: قوله: لا مفهوم له، نحوه في الخرشي، ولم أر من ذكر أن الحي هنا كالميت، وظاهر نصوصهم وظاهر الأحاديث التي في الحطاب أنه خاص بالميت، ونحوه في المواق ككلام المؤلف.

وعلم مما مر أن الخصوصية في قوله: "وقضاء دين الميت" لخ، كون ذلك من مال النبي صلى الله عليه وسلم الخاص به، وأما من بيت المال فيشاركه جميع الولاة في وجوب ذلك بالقيدين المتقدمين كما قاله عبد الباقي، وقال الإمام الحطاب: اختلف العلماء هل كان القضاء واجبا عليه صلى الله عليه وسلم أو تطوعا؟ وهل كان يقضيه من خالص مال نفسه أو من مصالح المسلمين؟ وظاهر كلام ابن بطال أنه كان يقضيه من المصالح، وأنه واجب عليه وعلى من بعده من الأئمة.

وإثبات عمله؛ يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصوص بأنه يجب عليه إذا عمل عملا من أعمال البر أن يزبته أي يداوم عليه، والمراد بالمداومة عليه أنه لا يقطعه حتى يعد


(١) الدر المنثور، للسيوطي، ج ٢ ص ٣٥٩.
(٢) صحيح مسلم، كتاب الجمعة، رقم الحديث، ٨٦٧.