للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تاركا له لا المداومة عليه أبدا؛ لأنه ورد أنه (كان يصىلي الضحى حتى نقول لا يدعها ويتركها حتى نقول لا يصليها)، وورد أيضا: (كان يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم (١)).

تنبيه: ررى أبو داوود أنه صلى الله عليه وسلم، قال: (اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا (٢) ولمسلم: (إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل (٣) وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة (٤)). خرجه البخاري والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه. وهو معدود من جوامع الكلم. قوله: يسر، معناه ذو يسر، وجعله يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله؛ لأن الله تعالى رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم: فمن ذلك أن توبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم والندم وتوبة من قبلهم كانت بقتل أنفسهم وقوله: الدين، منصوب على المفعولية، قال ابن المنير: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع. انتهى. قال في الفتح: وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدي إلى الملل والمبالغة في القطع المفضي إلى ترك الأفضل أو إخراج الفرض عن وقته، كمن بات يصلي ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح إلى خروج الوقت المختار أو إلى أن تطلع الشمس، وقوله: فسددوا؛ أي الزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط، قال أهل اللغة: السداد التوسط في العمل، وقوله: وقاربوا؛ أي إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه، وقوله: وأبشروا أي بالثواب على العمل المستمر وإن قل؛ أو المراد تبشير من عجز عن العمل بالأكمل: لأن العجز إذا لم يكن من صنيعه لا يستلزم نقص أجره، وأبهم المبشر به تعظيما وتفخيما له، وقوله: واستعينوا


(١) صحيح البخاري، كتاب الصوم، رقم الحديث، ١٩٦٩.
(٢) سنن أبي داوود، كتاب الصلاة رقم الحديث ١٣٦٨.
(٣) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافر رقم الحديث، ٧٨٢، صحيح البخاري، كتاب الرقاق، رقم الحديث، ٦٤٦٤.
(٤) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، رقم الحديث، ٣٩.