للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماله وينفذ وإن بهبة جميعه. الأقفهسي: اختلف هل ما تركه باق على ملكه ينفق على أهله منه كحياته أو سبب له سبيل الصدقات؟ والصواب أنه صدقة لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة (١)). قاله ابن غازي. ونقله الحطاب، قال: وتقدم ما يخالف ما صوبه، وقوله: "ولا يورث" يشاركه في ذلك الأنبياء، وقالت الرافضة: إن الأنبياء يورثون، والحكمة في كونهم لا يورثون عليهم الصلاة والسلام خشية أن يتمنى وارثهم موتهم فيكفرت فإن تمني موت النبي كفر. ابن غازي: ليس كل ما هنا مشهورا، بل فيه أشياء ما قال بها إلا من شذ، كوجوب الضحى واستبداده بجميع الخمس. انتهى. قاله الحطاب. قلت: وفيه نظر؛ لأنه قد قال به جماعة، وقوله: في الحديث: صدقة بالرفع لا بالنصب على الحال كما فهم الرافضة أبعدهم الله تعالى، وقوله: "ولا يورث" مفهومه أنه يرث وهو كذلك على الراجح لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ورث من أبيه أم أيمن بركة الحبشية وبعض غنم وغيره، وقلى ينازع في تسمية ذلك إرثا لأنه لا حكم قبل ورود الشرع، وقد يجاب بأن الله لا عصمه مطلقا كان ما يحصل منه قبل الشرع موافقا لما بعده. قاله الشيخ عبد الباقي. وفي الذخيرة: ورأيت كلاما للعلماء يدل ظاهره على أنهم لا يرثون. انتهى. قاله الحطاب. قال: والحكمة في كونهم لا يرثون على القول به خشية أن يتوهم الموروث أنهم يحبون موته فيبغضهم لذلك. انتهى. وقال الأمير: وترث الأنبياء ولا تورث بل ما تركوه صدقة فلهم الوصية بالجميع.


(١) المسالك شرح موطأ مالك، ج ٥ ص ١٤٣.