للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللخمي وعبد الحق. اللخمي: والفرض في مسح الرأس واحد، وهو بلوغ اليدين إلى مؤخره، ولا خلاف أنه لو اقتصر على ذلك ولم يرده لأجزأه، والسنة ردهما إلى مقدم الرأس. انتهى. وقيل إن رد اليدين من منتهى المسح لمبدئه فضيلة. قاله الحطاب. قوله: "ورد مسح رأسه" كان عليه شعر أم لا: ونقل الأبي عن النووي: أن من لا شعر له لا يستحب له الرد، لأنه لا فائدة فيه. انتهى.

واعلم أن رد مسح الرأس ولو طال إنما يكون بعد تعميمه بالمسح، فمن طال شعره بحيث لا يعم مسحه إلا بإدخال يديه تحته في رد المسح، يسن في حقه إذا عمم المسح أن يرد. قاله الشيخ عبد الباقي. وقد مر ما للشيخ محمد بن الحسن عند قوله: ويدخلان يديهما تحته في رد المسح: ومحل كون الرد سنة حيث بقي بيده بلل من المسح الواجب، وإلا لم يسن ولا فائدة فيه، ويكره تكرار المسح بماء جديد، والظاهر أنه إذا بقي بيده بلل يكفي بعض الرأس يسن له المسح بقدر البلل لخبر: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه بما استطعتم (١)). قاله الشيخ عبد الباقي. وعبارة المصنف في غاية الحسن؛ لأنه يفيد أن الرد سنة سواء ابتدأ في المسح الفرض من القدم أو المؤخر، وعبارة ابن الحاجب: رد اليدين من مؤخر رأسه إلى مقدمه، تقتضي أن الرد لا يكون سنة إلا إذا كان من المؤخر إلى المقدم، وليس كذلك، ويلزم عليه أن يكون الابتداء من مقدم الرأس سنة، وهو خلاف ما يأتي له؛ يعني ابن الحاجب. قاله الحطاب والأكثر على أن مسح الرأس لا يزيد على اثنتين: الأولى فرض، والثانية سنة أو فضيلة كما مر. اللخمي: واختلف في رد اليدين ثالثة، فقيل لا فضيلة في ذلك وعلى هذا غير واحد من البغداديين، وقال إسماعيل القاضي: جاءت أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسح الرأس ثلاثا (٢): ويمكن أن يكون ذلك أن يمر اليدين من المقدم إلى المؤخر، ثم يردهما إلى المقدم، ثم يردهما إلى المؤخر، نحو ما روي عن عطاء يريد ولا يستأنف الماء للثانية ولا للثالثة، ولا فائدة في إعادة اليد الثانية أو الثالثة، إلا أن يكون قد بقي في اليد بلل، والغالب بقاء البلل في اليد. انتهى وإنما كان الرد سنة، والغسلة الثانية والثالثة مستحبتان؛


(١) البخاري، كتاب الاعتصام، رقم الحديث: ٧٢٨٨. ولفظه … فأتوا منه ما استطعتم.
(٢) أبو داود، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ١١٠. ولفظه: رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ومسح رأسه ثلاثا ثم قال رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعل هذا. - الدارقطني، ج ١ ص ٩١/ ٩٢.