للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن الممسوح في الرد غير الممسوح أولا بخلاف المغسول، هذا في حق ذي الشعر وألحق به غيره. قاله الفاكهاني.

وترتيب فرائضه يعني أن ترتيب الفرائض من سنن الوضوء، ومعنى ترتيبها أن يأتي بها على ترتيب القرآن؛ بأن يقدم الوجه، ويثني بغسل اليدين إلى المرفقين، ويثلث بمسح رأسه، ويربع بغسل رجليه إلى الكعبين وهذا هو المشهور في المذهب. وقيل واجب حكاه ابن زياد عن مالك، وقاله أبو مصعب، ومال إليه ابن عبد السلام، وعزاه في الذخيرة للشيخ أبي إسحاق. وقيل واجب مع الذكر، وعزاه ابن راشد والمص في التوضيح لابن حبيب. وقيل مستحب، وعزاه في الذخيرة لابن حبيب، فتلك أربعة أقوال. ووجه المشهور أن الله تعالى عدل عن أحرف الترتيب وهي: الفاء وثم إلى الواو التي لا تقتضي إلا مطلق الجمع، وقول علي -رضي الله عنه-: (ما أبالي إذا أتممت وضوءي بأي أعضائي بدأت (١))، وقول ابن عباس (بالبداءة بالرجلين قبل اليدين (٢)) أخرجهما الدارقطني مع صحبة علي -رضي الله عنه- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- طول عمره، فلولا اطلاعه على عدم الوجوب لما قال ذلك، وكذا ابن عباس وحيث انتفى الوجوب قلنا إنه سنة لمواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، واستدل للوجوب بأنه صلى الله عليه وسلم توضأ على الترتيب، وقال (هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به (٣))، وبقوله -صلى الله عليه وسلم-: (توضأ كما أمرك الله (٤)) وبأنه -صلى الله عليه وسلم- (توضأ على الترتيب (٥))، وفعله محمول على الوجوب، والجواب أن هذه تقتضي أن الترتيب مطلوب، ونحن نوافق على ذلك، ووجه القول بالوجوب مع الذكر أن الترتيب يرجع إلى النهي عن التنكيس، والنهي يفترق عمده من نسيانه، ووجه الاستحباب أنه حيث انتفى الوجوب حمل على الندب؛ إذ هو الأصل في الهيئات، كالابتداء بمقدم الرأس، وبأول العضو، وباليمين قبل اليسار. وإذا قلنا إن الترتيب واجب فنكس وضوءه،


(١) الدارقطني، ج ١ ص ٨٩.
(٢) الدارقطني، ج ١ ص ٨٩. ولفظه: لا بأس أن تبدأ برجليك قبل يديك.
(٣) البيهقي؛ ج ١ ص ٨٠.
(٤) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٨٦١.
(٥) البخاري، كتاب الوضوء، رقم الحديث: ١٩٩.