وقال الحطاب: يعني أن المهر إذا لم يكن مضمونا بل كان ذاتا مشارا إليها كدار أو عبد أو ثوب بعينه فإنه يجب تسليمه للمرأة بالعقد، قال اللخمي: وإن كان الزوجان صغيرين أو كان أحدهما مريضا. انتهى. وقال ابن عبد السلام: ولا ينتظر بلوغ زوج أو إطاقة زوجة ولا يجوز تأخيره، كما لا يجوز بيع معين يتأخر قبضه لأنه مضمون منها بنفس العقد فلا معنى لبقائه بيد الزوج. انتهى. وقال الشارح: يريد أن الصداق إذا كان معينا كعبد بعينه أو دار أو أرض ونحو ذلك فإنه يجب دفعه للمرأة ناجزا ولم يؤخر، وإن لم تطق الوطء أو لم يبلغ الزوج وهو ظاهر لأنه يصير حينئذ كبيع معين يتأخر قبضه. انتهى.
وإلا فلها منع نفسها وإن معيبة من الدخول هذا مفهوم قوله:"إن تعين" يعني أن الصداق إذا لم يتعين بأن كان مضمونا في الذمة وتنازعا في التبدئة؛ بأن قالت المرأة ادفع إلي الصداق وأمكنك من نفسي، وقال لها هو: مكنيني من نفسك وأدفع إليك الصداق بعد ذلك فإن للمرأة حينئذ أن تمنع نفسها من الدخول أي الخلوة بها بأن تمتنع أن تخلو معه وإن كانت معيبة عيبا لا ترد به بأن طرأ بعد العقد أو كان قديما ورضي به الزوج. قاله أبو علي، وغيره. وقال الشارح: ولا فرق في ذلك بين الصحيحة والمريضة، وكذلك الرتقاء والمجنونة ونحوهما مما طرأ بعد العقد، ولهذا قال:"وإن معيبة" وظاهر كلامه أن لها إن شاءت أن تمكن من نفسها لأنه حق لها وليس كذلك، بل هو مكروه عند مالك حتى تقبض ربع دينار لحق الله تعالى. حكاه غير واحد.
ابن يونس: وقال ابن حبيب: إن اتفقا على البناء بغير تقديم شيء جاز. انتهى. وما مر من تبدئة الزوج بالدفع هو مقتضى ما في المدونة وهو مذهب جماعة، وقال ابن القصار: الذي يقوى في نفسي أن الصداق يوقف فلا تأخذه حتى تمكن من نفسها، وفي الواضحة: إذا طلبت أخذ النقد قبل البناء وأبى الزوج إلا عند البناء فله ذلك قاله الشارح.
وقوله:"من الدخول" قال الشبراخيتي: متعلق بقوله: "منع"، والمراد به الخلوة لا الوطء لذكره له بعد بقوله: والوطء بعده يعني أنها إذا مكنته من الخلوة فلها أن تمتنع من الوطء بعد خلوته بها، فقوله:"بعده" أي الدخول أي الخلوة بها، وقوله:"وإلا" أي وإن لم يكن الصداق معينا بل كان مضمونا في الذمة، وإذا كان لها منع نفسها من الدخول والوطء بعده فليس للزوج أن يمتنع