من دفع الصداق الحال، بل يجب عليه دفعه كما صرح به الحطاب وغيره، ولو بلغت حد السياق لأن غايته الموت وهو موجب للتكميل بخلاف النفقة لبالغة حد السياق فساقطة لأنها في مقابلة الاستمتاع.
وعلم مما قررت أن ما قبل "إلا" الوجوب فيه لحق الله تعالى فلا يجوز اشتراط التأخير وأما ما بعد إلا فالحق لها فلها أن تؤخره، وأما ما قبل "إلا" فلا يجوز أن ترضى باشتراط التأخير كما علمت، ولهذا تغاير أول الكلام مع آخره، وقد مر اعتراض الشارح للمص باقتضائه أن لها أن تمكن من نفسها قبل قبض ربع دينار، قال الشبراخيتي: وليس مراده تخييرها في المنع والتمكين على حد سواء بل يكره لها عند مالك تمكينها قبل قبض ربع دينار لحق الله ولو من المؤجل، ولو رضيت بالمقام معه بلا شيء كان لها أن تمنعه لأن الكراهة في ذلك حق لله فلا تسقط بإذنها له، فإن مكنت قبل ذلك لم يكره له وطؤها ثانية قبل قبض ربع دينار ولا لها منعه.
والسفر يعني أنه كما لها أن تمنع نفسها من الدخول والوطء بعده، لها أن تمنع نفسها من السفر معه إذا طلبها، قال الشبراخيتي: واعلم أنه إذا لم يدخل بها أي يختلي بها فلها منع نفسها من الدخول ومن السفر، وأما إن اختلى ولم يطأها فلها منع نفسها من الوطء قطعا، وهل لها منع نفسها من السفر حينئذ؟ وهو ما يفيده كلام الشيخ عبد الرحمن والزرقاني، أو ليس لها ذلك؟ وهو ما يفيده كلام التوضيح والمدونة على ما ذكره الحطاب، والذي ارتضاه شيوخنا هو الأول.
إلى تسليم ما حل يعني أن المنع في هذه الثلاثة أي الدخول والوطء والسفر ينتهي عند تسليم ما حل من المهر للمرأة أي ما حل أصالة أو ما كان مؤجلا وحل، فإذا سلم لها ما حل من الصداق فليس لها أن تمتنع من الدخول والوطء بعده والسفر. ابن عبد السلام: وأما امتناعها من السفر معه قبل قبض صداقها فإنما يكون لها ذلك قبل الدخول فجعل الدخول مسقطا حقها من السفر فأحرى الوطء، وفي إرخاء الستور من المدونة: وللزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت وينفق عليها، وإن قالت حتى آخذ صداقي، فإن كان بنى بها فله الخروج وتتبعه به دينا. ابن يونس: يريد في عدمه، وأما إن كان موسرا فليس له الخروج بها حتى تأخذ صداقها، وقاله أبو عمران. وقال عبد الحق: وقال بعض شيوخنا من أهل بلدنا: إن كان يخرج بها إلى بلد تجري