فيه الأحكام ويوصل فيها إلى الحقوق فيخرج بها قبل أن يدفع إليها صداقها، وإن كان يخرج بها إلى بلد لا تجري فيه الأحكام فلها أن لا تخرج حتى يدفع إليها صداقها.
وتحصل مما مر أنه هل له بعد الوطء السفر بها قبل قبض الصداق مطلقا وهو ظاهر المدونة وابن عبد السلام والتوضيح؟ أو يقيد بكون السفر إلى بلد تجري فيه الأحكام وهو ما لبعض شيوخ عبد الحق؟ أو يقيد بكونه عديما وهو ما لابن يونس؟ انظر حاشية الشيخ بناني. وقال الشبراخيتي: وأما إذا دخل بها ووطئها فليس لها منع نفسها من الوطء ثانيا، ولا من السفر إن كان معسرا، وأما إن كان موسرا فلها منع نفسها منه كما قال ابن يونس، ولكن ظاهر المدونة أنها ليس لها منع نفسها من السفر بعد البناء بمعنى الخلوة ولو قبل الوطء، ونحوه في التوضيح كما تقدم وهو ظاهر كلام المص أيضا حيث قال: والوطء بعده ولم يقل والوطء والسفر بعده، بل أخر ذكر السفر ولم يقيده بقوله:"بعده" فالتبادر منه كونه عطفا على الدخول، وقول البساطي: نظرت في معنى كلامهم فوجدته يعطي أن لها المنع من السفر وإن دخل أو وطئ النص بخلافه. انتهى.
تنبيهات: الأول: قال ابن الحاجب: ويجب تسليم حاله وما يحل منه بإطاقة الزوجة وبلوغ الزوج الحلم لا بلوغ الوطء على المشهور، وقبله ابن عبد السلام والمؤلف قال في التوضيح: أي ويجب تسليم حال المهر، وما كان مؤجلا منه يحل عند زمن إطاقة الزوجة الوطء وعند بلوغ الزوج الحلم على المشهور، ولمالك في كتاب ابن شعبان: عند بلوغه القدرة على الوطء. انتهى. قاله الحطاب. وقال ابن عرفة: وتسليم حال المهر يجب للزوجة بإطاقتها الوطء وبلوغ زوجها، وفي كون إطاقته إياه قبل بلوغه كبلوغه روايتا. اللخمي: مصوبا الثانية. انتهى. وقول المص:"فلها منع نفسها" أي لها ذلك، سواء قال الزوج لا أدفع المهر حتى أدخل أولا.
الثاني: قد علمت مما مر أن قوله: "ما حل" شامل لما حل أصالة وما كان مؤجلا وحل، قال الحطاب: أما الأول فلا كلام فيه، وأما الثاني ففيه خلاف، والذي شهره ابن الحاجب وغيره ورواه اللخمي عن مالك وجوب تسليمه قبل البناء، وقيل إنما يجب تسليمه بعد البناء وقيل لا يكلف الزوج بدفع الكالئ، وإن كان موسرا حتى يكمل أسبوعه بعد بنائه بها وإن كان معسرا اتبعته به، قال بعض الموثقين: كأنه رأى أنهما اتفقا حين العقد على بنائه بدفع المعجل فألزمها