منه غلو وبدعة. قال الشيخ زروق: السرف الإكثار في غير حق، والغلو الزيادة في الدين، والبدعة لغة: الأمر المحدث، وفي الشرع إحداث أمر في الدين يشبه أن يكون منه وليس منه، ومرجعه اعتقاد ما ليس بقربة قربة على وجه الحكم بذلك، وهذا منه لمن يراه كمالا، فأما من يعتريه ذلك من وسوسة يعتقد نقصها وأن ما يفعله من ذلك مخالف للأصل، فلا يصح كونه منه بدعة إلا من حيث صورته. ثم البدعة محرمة ومكروهة، ولا يمكن أن يبلغ بهذه حد التحريم، لأنها لم تعارض واجبا، ولا رفعت حكما أصليا، وقد نص في النوادر على الكراهة. انتهى. وقال البرزلي: روينا عن النووي الإجماع على أنه لا يجوز السرف في الطهارة ولو كان على ضفة النهر وهو معنى ما في الرسالة: والسرف منه غلو وبدعة، وهذا كله في غير الموسوس. وأما الموسوس فهو شبيه بمن لا عقل له، فيغتفر في حقه لما ابتلي به، انتهى. وقوله في الرسالة: وقد توضأ بمد يريد بعد الاستنجاء، وقوله وتطهر بصاع، وذلك بعد إزالة الأذى.
واعلم أن الوسوسة بدعة، وأصلها جهل بالسنة أو خبال في العقل. وقال مشايخ الصوفية: لا تعتري الوسوسة إلا صادقا؛ لأنها تحدث من التحفظ في الدين، ولا تدوم إلا على جاهل أو مهوس؛ لأن التمسك بها من اتباع الشياطين. قاله الحطاب. عن الشيخ زروق. وإنما كان السرف مكروها خوف الاتكال عليه والتفريط في الدلك، أو إبطانه حتى تفوته الجماعة، أو إضراره بغيره من مريد الطهارة، أو موالفته ذلك فلا تمكنه الطهارة مع قلة الماء، أو إيراثه الوسواس فلا يمكنه زوال الشك. قال الشيخ زروق: وقد جربنا ذلك. نقله الشبراخيتي وغيره. وقد مر أنه لابد من سيلان الماء على العضو لأنه لا بد من إيعاب الماء البشرة، وإلا كان مسحا كما نص عليه غير واحد. (وتيمن أعضاء) يعني أنه يستحب في الوضوء التيمن في الأعضاء أي الابتداء بغسل اليمين منها فيما يسهل فعله على التعاقب، ويعسر فعله دفعة وذلك اليدان والرجلان لا في غير ذلك مما يسهل فعله دفعة كالخدين والفودين والأذنين والصدغين، والفودان هما جانبا الرأس، وإنما ندب التيامن في أعضاء الوضوء لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا توضأ أحدكم فليبدأ بيمينه (١)) رواه ابن