للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبدء بمقدم رأسه يعني أنه يستحب للمتوضي أن يبدأ في مسح رأسه بمقدمه، وقيل البداءة بمقدم الرأس سنة. حكاه ابن رشد. ومثل الرأس غيره من الأعضاء وإنما خص الرأس لما فيه من الخلاف؛ إذ قيل يبدأ من مؤخره، وقيل إنه يبدأ من وسطه ثم يذهب إلى حد منابت شعره مما يلي الوجه، ثم يردهما إلى قفاه ثم يردهما إلى حيث بدأ انتهى. وأما غيره من الأعضاء فلم أر فيه خلافا. قاله الشيخ محمد بن الحسن بناني. وقوله: "وبدء بمقدم رأسه" قد مر أن غيره من الأعضاء مثله، فمن بدأ بمؤخر رأسه أو بالذقن أو بالمرفقين أو بالكعبين وعظ وقبح عليه إن كان عالما وعُلِم الجاهل. قاله الشيخ عبد الباقي وغيره. وفي حديث عبد الله بن زيد: مسح رأسه بيديه أقبل بهما وأدبر بدأ بمُقدَّم رأسه (١)). انتهى. ومقدَّم الرأس ومؤخَّره بفتح ثانيهما وتشديد الدال والخاء هذا هو المعروف، وثمَّ لغة أخرى مقدِم ومؤخِر مخفف، والثالث مكسور. قاله الإمام الحطاب. وقوله في الحديث: أقبل بهما وأدبر، قيل الواو لا تقتضي الترتيب، والمراد أدبر بهما وأقبل، وكذلك وقع في بعض طرق الحديث، وعلى الرواية المشهورة، فقال ابن بشير: بدأ بذكر الإقبال تفاؤلا، وقيل المراد أقبل بهما على قفاه، وأدبر بهما عن قفاه. قاله الإمام الحطاب. (وشَفعُ غسله) الضمير في غسله للوضوء؛ يعني أن الغسلة الثانية في الوضوء مستحبة، وهذا حيث أسبغ بالأولى، وأما إذا لم يسبغ بها فالثانية فريضة فيما لم يعمه الماء مستحبة في غيره فيعمه في الرابعة، ولا يعم جميع العضو فيها؛ لأنه حينئذ يلزم غسله أربعا فيدخل في النهي. قاله القرافي. قاله الشبراخيتي.

(وتثليثه) يعني أن الغسلة الثالثة في الوضوء مستحبة كالثانية فهما فضيلتان وهذا هو المشهور، وقيل إنهما سنتان، وقيل الثانية سنة والثالثة فضيلة، وقيل إن الثانية فضيلة والثالثة سنة قدمت الفضيلة في هذا القول على السنة اهتماما بالثانية، فيأتي بها وإن كانت فضيلة ليتمكن من الإتيان بالثالثة التي هي سنة، واحتج له بعضهم بترتيبه الفضل على الثانية، وبقوله في الثالثة: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي (٢)). قاله البرزلي. قال الحطاب: فكأنه يعني بترتيب الفضل على


(١) البخاري، كتاب الوضوء، رقم الحديث ١٨٥.
(٢) السنن الكبرى للبيهقى، كتاب الطهارة، ج ١ ص ٨٠.