للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية ما ورد في بعض الأحاديث أنه عليه الصلاة والسلام قال: (من توضأ مرتين آتاه الله أجره مرتين (١))، وثم قول خامس وهو وجوب الثانية.

تنبيه أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه ومسنده، وأبو بكر المروزي، والبزار عن [حمران (٢)] مولى عثمان -رضي الله عنه- قال: دعا عثمان -رضي الله عنه- بوضوء في ليلة باردة وهو يريد الخروج إلى الصلاة فجئته بماء فأكثر ترداد الماء على وجهه ويديه: فقلت: حسبك قد أسبغت الوضوء والليلة شديدة البرد، فقال: صب فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا يسبغ عبد الوضوء إلا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (٣)). قال الإمام الحطاب: الإسباغ لغة الإتمام، البخاري: ابن عمر: إسباغ الوضوء الإنقاء. ابن حجر: هو تفسير باللازم؛ إذ الإتمام يستلزم الإنقاء عادة. انتهى. وقوله: "وشفع غسله وتثليثه" وكذا المضمضة والاستنشاق، فالأولى منهما سنة، والثانية والثالثة مستحبتان، ولا بد أن يفعل في الثانية والثالثة من جميع ما ذكر، كما يفعل في غسل الفرض من دلك وتخليل وتتبع مغابن، وإلا لم يكن آتيا بالمندوب. واختلف هل يفعل الثانية والثالثة بنية الفضيلة، أو بنية فعل ما أمكن تركه في الأولى، أو بنية إكمال الفرض كإعادة الفذ جماعة، أو بنية الوجوب؟ على أربعة أقوال: الأول للمازري عن الأكثر، والثاني والثالث لبعض المتأخرين، والرابع للبيان. ابن بشير: وبأي نية يكرر لا يخلو من ثلاثة أوجه: إما أن يتيقن أنه عم بالأولى نوى بالزائد الفضل، وإن تيقن أنه لم يعم نوى بالزائد الفرض، فإن شك نوى بالزائد الفرض أيضا؛ لأن الطهارة في ذمته بيقين فلا يبرأ منها إلا بيقين، ومتى شك وجب عليه الإكمال فينوي الوجوب فإن نوى الفضيلة في موضع يجب عليه الفرض فقولان: الإجزاء: وعدمه. الشبيبي: إن شك هل وقع الإسباغ بالأولى، وجب عليه أن ينوي بالثانية الوجوب فيما شك قولا واحدا، وإن بقيت لمعة علم موضعها خصها بالغسل ثلاثا إن كان بعد إكمال الوضوء، وإن كان قبل إكماله نوى بالتي تليها، أي المرة الأولى الوجوب في موضعها قولا


(١) الإتحاف، ج ٢ ص ٣٧٤.
(٢) كذا في التنوير، ج ١ ص ١٣٢
(٣) تنوير الحوالك، ج ١ ص ١٣٢. ومجمع الزوائد، ج ١ ص ٢٤١.