جعل الخلاف في النقيتين، وعليه فأراد بقوله:"أو المطلوب الانقاء." أنه لا يطلب فيهما شفع ولا تثليث، وإنما الواجب فيهما غسلة واحدة تعمهما إرادة مجازية. انتهى. وما مر من أن معنى قوله:"الإنقاء" من الوسخ المراد به: الوسخ الحائل الذي يطلب إزالته في الوضوء كطين مثلا، أما مطلق الأوساخ غير الحائلة فلا تطلب إزالتها في الوضوء. بهذا قرره الشيخ المسناوي. قاله الشيخ محمد بن الحسن بناني. وروى ابن المنذر بإسناد صحيح أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يغسل رجليه في الوضوء سبع مرات. وكأنه بالغ فيهما دون غيرهما؛ لأنهما محل الأوساخ غالبا لاعتيادهم المشي حفاة. والله تعالى أعلم. انتهى. نقله الحطاب. وَهَل تُكرهُ الرابعةُ يعني أن الشيوخ اختلفوا في الغسلة الرابعة، فمنهم من ذهب إلى أنها مكروهة نقله في التوضيح عن صاحب المقدمات وابن الحاجب، وقال النووي: أجمع العلماء على الكراهة، وعليها اقتصر الأمير وابن عاشر، فقال ابن عاشر:
وكره الزيد على الفرض لدى … غسل وفي المسح على ما حددا
قوله: الفرض المراد به التقدير الشرعي؛ أي تكره المسحة الثالثة ففوق في الرأس، والثانية ففوق في الأذنين، والغسلة الرابعة في الأعضاء الثلاثة الوجه واليدين والرجلين. أو تمتع يعني أن من الشيوخ من ذهب إلى أن الغسلة الرابعة تمنع. نقله عبد الوهاب واللخمي والمازري. ونقل عن ابن بشير أن الرابعة ممنوعة إجماعا، ونقل سند اتفاق المذهب على المنع، ودليله ما رواه أبو داوود والترمذي:(فمن زاد واستزاد فقد تعدى وظلم (١))، والمراد بالرابعة الغسلة الزائدة على ثلاث غسلات حصل بكل واحدة منها استيعاب العضو، وأما لو لم يستوعب العضو إلا بغرفتين فهو غسلة واحدة فيطلب بغسلتين يوعب العضو بكل منهما. وقوله في الحديث: فمن زاد واستزاد يحتمل معنيين: أحدهما التأكيد، والثاني أن المراد بقوله زاد: فيمن يتوضأ بنفسه فزاد الرابعة، وقوله: استزاد، فيمن يوضئه غيره فطلب من الذي يوضئه زيادة الرابعة. ونقل اللخمي وغيره المنع
(١) … هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء. أبو داود، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ١٣٥.