للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقبله إذا كان عفوه لأجل مصلحة غير محققة، فلو تحققت المصلحة جاز العفو قبل الطلاق باتفاق الشيخين كما يتفقان على المنع عند تحقق عدمها وخلافهما بحسب الظاهر عند جهل الحال، واختلف الشيوخ هل قول ابن القاسم وفاق لقول مالك، وعليه فكل من الشيخين يقول عفوه حال الجهل محمول على المصلحة، ويحمل قول مالك ولا يجوز عفو الأب قبل الطلاق على ما إذا تحقق عدم المصلحة، أو قول ابن القاسم: خلاف لقول مالك في ذلك تأويلان، وعلى تأويل الخلاف هذا فالإمام يقول: عفوه عند جهل المال لا يجوز لأن الأصل في الإسقاط عدم المصلحة، وابن القاسم يجيزه لأن أفعال الأب في ابنته البكر محمولة على المصلحة حتى يظهر خلافها، وهذا التقرير أصله لابن بشير وبه قرر المص غير واحد، قال محمد بن الحسن: ظاهر المدونة وابن الحاجب والمص خلافه، ففي المدونة لا يجوز عفو الأب قبل الطلاق. ابن القاسم: إلَّا لوجه نظر من عسر الزوج فيخفف عنه وينظره فيجوز ذلك إذا رضيت، ونحوه عبارة ابن الحاجب، قال أبو الحسن: ظاهر قول مالك وإن كان نظرا وبهذا يتجه أن يكون قول ابن القاسم خلافا، وقال عياض: في كون قول ابن القاسم خلافا لمالك قولان لأشياخنا انتهى.

قال في التوضيح عن ابن عبد السلام: ونقل المص هو الصحيح لا ما قاله ابن بشير أنه لا يختلف مالك وابن القاسم في جواز التخفيف قبل الطلاق إذا ظهرت المصلحة، كما لا يختلفان في عدم جوازه إذا علم أنه لا مصلحة، وإنما يختلفان إذا جهل الحال. انتهى. ومفهوم قول المص: "قبل الدخول" أنه لا عفو له بعد الدخول وهو كذلك، ولا فرق في عدم الجواز بعد الدخول بين الرشيدة وغيرها، ففي سماع محمد بن خالد أن الصغيرة إذا دخل بها الزوج واقتضها ثم طلقها قبل البلوغ أنه لا يجوز العفو عن شيء من الصداق لا من الأب ولا منها. ابن رشد: وهذا كما قال إذ قد وجب لها جميع الصداق بالمسيس، وليس للأب أن يضع حقا قد وجب لها إلَّا في الموضع الذي قد أذن الله له فيه وهو قبل المسيس، لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الآية، وإذا منع العفو في الصغيرة بعد الدخول ففي السفيهة أحرى، فقول عبد الباقي: وهذا -يعني منع العفو بعد الدخول- إذا كانت رشيدة وإلا فالكلام له، وحينئذ فله العفو لخ، غير صحيح بل لا كلام له مطلقًا. انتهى.