فيه قبل البناء. انتهى. قال محمد بن الحسن: هذا لا يدخل هنا لأن إنفاقها على العبد والثمرة الواقعين صداقا فرعٌ عن فرض الزوج لها الصداق ورضاها به، وفي بعض النسخ: ورجعت المرأة في الفسخ قبله بما أنفقت وهي صريحة في نفي التكرار. والله سبحانه أعلم.
ولما وقع الخلاف بين الأئمة فيمن هو المراد بقوله تعالى:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}؟ فقيل الذي بيده عقدة النِّكَاح الزوج، والمعنى إلَّا أن يترك النساء لكم النصف أو تتركوه أنتم لهن؛ بأن تكملوا لهن الصداق وإليه ذهب الأئمة الثلاثة، وذهب مالك إلى أنه الأب في ابنته البكر، ومثله السيد في أمته، أشار إلى ذلك بقوله: وجاز عفو أبي البكر عن نصف الصداق قبل الدخول وبعد الطلاق يعني أنه يجوز للأب في ابنته البكر أن يعفو عن نصف صداقها بأن يسقطه عن الزوج فلا يطالبه به، وهذا إذا كان العفو قبل الدخول وبعد الطلاق وليس ذلك له قبل الطلاق، وخص الأب لشدة شفقته واحترز به عن غيره من وصي وعم وأخ وغيرهم، فليس لهم العفو عن ذلك، واحتج الأئمة بأن ما ذهبوا إليه مروي عنه عليه الصلاة والسلام، وبأن إسقاط الولي ما لوليته على خلاف الأصول، وأجيب بضعف الروي ولو سلم صحته فلا نسلم كونه تفسيرا للآية بل إخبار عن حال الزوج قبل الطلاق، وبأن حكم الولاية التصرف بما هو أحسن للمولى عليها، وقد يكون العفو أحسن للبنت فيحصل لها بذلك مصلحة وهي رغبة الأزواج فيها إذا سمعوا عفو الأب عن الزوج، ويرجح مذهبنا بأن الذي بيده عقدة النِّكَاح في الطلقة إنما هو الولي، والزوج إنما كان بيده قبل الطلاق الحل لا عقدة النِّكَاح، وبأن يحمل قوله تعالى:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} على الأزواج وغيرهم فيكون أكثر فائدة، وبأن الخطاب كان مع الأزواج بقوله:{وَقَدْ فَرَضْتُمْ} وهو خطاب مشافهة، ولو كانوا مرادين بقوله:{الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} للزم تغيير الكلام من الخطاب إلى الغيبة وهو خلاف الأصل كما أن إقامة الظاهر مقام المضمر كذلك، فلو كان المراد الزوج لقيل إلَّا أن يعفون أو تعفوا عما استحق لكم، قال فيها: ولا يجوز عفو الأب قبل الطلاق. انظر الشبراخيتي.
وما تقدم من قوله:"وجاز عفو أبي البكر عن نصف الصداق قبل الدخول وبعد الطلاق" وأنه لا يجوز له العفو قبل الطلاق هو قول مالك، وقال ابن القاسم: يجوز للأب أن يعفو بعد الطلاق،