في كلام المص قائلا: هذا هو المتعين في كلام المص معنى، وهكذا المسألة مفروضة في كلام أهل المذهب، ثم استدل عليه بكلام العتبية نحو ما نقله عبد الباقي عن ابن عرفة، ثم قال: ولذا لم يشترطوا هنا طول الزمان مع اشتراطه في شهادة السماع في النِّكَاح كما نص عليه ابن رشد وغيره. انتهى. قلت: لا شك في صحة كلّ من الاحتمالين لكن يرجح الأول ما مر عن التوضيح. انتهى.
وقال الشبراخيتي: لو قال بكالدف والدخان ليدخل ما يقوم مقامهما في اختصاصه بالنِّكَاح لكان أظهر، وهذا إذا لم تكن المرأة محوزة لغير من أقام السماع بأن لم تكن محوزة أصلا أو كان المقيم للسماع هو الحائز لها، وذكر أن الباء في بالدف بمعنى مع على الاحتمال الثاني أي حال شهادة القطع خلاف ما لعبد الباقي أنَّها للسببية. والله سبحانه أعلم. وقوله:"ثبتت ببينة" أي لا بتقارهما بعد تنازعهما، فلا يقال إن كلام المص لا فائدة فيه لأن كلّ شيء قامت عليه بينة يثبت بها؛ لأنا نقول فائدته نفي ثبوت النِّكَاح بغير البينة، أو يقال فائدته أن يرتب عليه ما بعده.
واعلم أن بينة السماع لابد أن تكون مفصلة كبينة القطع؛ بأن تقول سمى لها كذا نقد كذا وأجل كذا وعقد لها وليها فلان كما في عبارة المتيطي التي نقلها الحطاب، فلا يكفي الإجمالي، قال الحطاب: وصفة شهادتهم قال في المتيطية: أنهم سمعوا سماعا فاشيا مستفيضا على ألسنة أهل العدل وغيرهم أن فلانا المذكور نكح فلانة بالصداق المسمى، وأن وليها فلانًا عقد عليها نكاحها برضاها وأنه فشا وشاع بالدف والدخان. انتهى.
وإلا أبي مركب من إن الشرطية ولا النافية أي وإن لم يأت المدعي ببينة تشهد له بالنِّكَاح، فلا يمين على المدعى عليه لأن كلّ دعوى لا تثبت إلَّا بعدلين فلا يمين بمجردها، ولعدم ثمرتها لو توجهت لأنَّها لا تنقلب إذا نكل عنها؛ إذ لا يقضى في ذلك بيمين المدعي مع نكول الآخر، وهذا هو المعروف من المذهب، وقيل تتوجه مطلقًا حكاه المتيطي، وقيل تتوجه في الطارئين دون غيرهما وهو لسحنون، وصدر ابن رشد بهذا القول وساقه على أنه المذهب، ونصه في رسم النِّكَاح من سماع أصبغ: ولو لم تكن المرأة تحت زوج وادعى رجل نكاحها وهما طارئان وعجز عن إثبات ذلك للزمت اليمين؛ لأنَّها لو أقرت بما ادعاه من النِّكَاح كانا زوجين، وقيل إنه لا يمين عليها لأنَّها لو نكلت عن اليمين لم يلزمها النِّكَاح انتهى، وقوله: لأنَّها لو أقرت بما ادعاه من النِّكَاح