ثم لم تسمع بينية يعني أن المرأة الخالية إذا انتظرت المدعي لإقامة بينته القريبة بزعمه وانقضت مدة انتظارها له وعجز عن الإتيان بها، فإنه يجوز للحاكم أن يعجزه وإذا عجزه لم تسمع بينته أي لم تقبل بينته اتفاقا.
وبما قررت علم أن معنى قوله:"ثم" بعد انتظاره ومضي أجل التلوم وعجزه عن الإتيان ببينة كما في الشبراخيتي، ومقتضاه أن معنى قوله:"وأمرت بانتظاره" أنه تجعل لها مدة موكولة إلى اجتهاد الحاكم. قاله جامعه. والله سبحانه أعلم.
إن عجزه قاض مدعي حجة يعني أنه إذا عجزه القاضي بعد انتظارها له وهو يدعي أن له حجة فإنه لا تسمع بينته بعد ذلك اتفاقا. فقوله:"مدعي حجة" كذا في بعض النسمخ بإضافة مدع إلى حجة، وفي بعضها بتنوين مدع ونصب حجة وهو خبر مبتدأ محذوف والجملة حال أي وهو مدع حجة والمعنى واحد، والمراد بالحجة البينة قاله الشيخ إبراهيم. ومفهوم قوله:"مدعي حجة" أنه لو أقر على نفسه بالعجز وعجزه القاضي فإنه قد اختلف في ذلك. وظاهرها أي المدونة القبول أي قبول بينته إن أقر على نفسه بالعجز عن إحضار البينة وهذا هو المذهب؛ لأنه ظاهر المدونة واختيار بعض الشيوخ، ولو فرض أنه ظاهرها فقط من غير اختيار كان كافيا في ترجيحه؛ لأن ظواهر المدونة عندهم كالنصوص وليس مقابلا لما قبله لأنه مفهومه فلا ينافيه، فهي مسألة أخرى أي أنه إذا أقر على نفسه بالعجز، ففي سماع أصبغ من كتاب النِّكَاح: لا يقبل منه ما أتى به من حجة.
ابن رشد: وهو خلاف سماعه من كتاب الهبات والصدقات وخلاف ظاهر المدونة. انتهى. ولا فرق على المذهب بين الطالب والمطلوب، ولا بين أن يعجز في أول قيامه أم لا. وكيفية شهادة بينته إذا كان مطلوبا أن تشهد أنه لم يعقد عليها؛ بأن تشهد بينتها أنه عقد عليها وقت الظهر مثلا وتشهد [بينته](١) بأنهم لم يفارقوه من طلوع الشمس لغروبها. قاله الشبراخيتي.
وقال محمد بن الحسن عند قوله "وظاهرها القبول إن أقر على نفسه بالعجز": مراد المص كما يفيده كلام التوضيح أن يذكر الخلاف الذي ذكره ابن رشد بين ما في العتبية وظاهر المدونة لكونه