للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمواظبة عليه لكل صلاة فتقوى غرته بتقوية نور أعضائه، والمنفي عندنا الزيادة على محل الفرض، وندب الوضوء لكل صلاة معلوم من باب التجديد، ولا يعلم من المصنف عين الحكم، وقد علمت أنه الكراهة. والله سبحانه أعلم. وقال ابن عبد السلام: ينبغي عَدُّ إطالة الغرة من الفضائل لا ثبت فيها. قاله الشيخ إبراهيم، وقال هو وغيره: إن هذه الزيادة مما انفرد بها أبو هريرة، ولم يذكرها أحد ممن وصف وضوءه عليه الصلاة والسلام. انتهى. وقد مر الكلام على الغرة والتحجيل أول الفصل فراجعه إن شئت.

ومسح الرقبة يعني أن مسح الرقبة لا يندب في الوضوء، بل يكره لعدم وروده في وضوئه عليه الصلاة والسلام، وقال أبو حنيفة: إنه مندوب لخبر أبي نعيم عن أبي هريرة: (من توضأ ومسح يديه على عنقه أمن من الغل (١)). وترك مسح الأعضاء يعني أنه لا يندب للمتوضئ ترك مسح الأعضاء أي لا يندب له ترك تنشيفها بخرقة، بل يجوز خلافا للشافعية في استحبابهم ترك ذلك وكراهتهم له، وفي المدونة: لا بأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوء: وقيل لمالك: أيفعل ذلك قبل غسل رجليه ثم يغسل رجليه بعد؟ قال: نعم، وإني لأفعله، وظاهر الجلاب منعه قبل تمامه لتفريق الطهارة من غير عذر، ولا حجة لندب عدم المسح في خبر ابن عساكر عن أبي هريرة مرفوضا: (من توضأ فمسح بثوب نظيف فلا بأس به: ومن لم يفعل فهو أفضل؛ لأن الوضوء يوزن يوم القيامة مع سائر الأعمال (٢) لأنه ضعيف الإسناد: ولا حجة أيضا فيما أخرجه ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب أنه كَرِهَ المنديل بعد الوضوء، وقال هو يوزن؛ لأنه قول مجتهد. قاله الشيخ عبد الباقي. وقوله: قيل لمالك أيفعل ذلك الخ أبو الحسن: إنما توهمه لما فيه من الشغل عن الوضوء وتفريقه، وقد جوز في الصلاة الشغل اليسير: وعفي عنه فيها، فكيف بالوضوء؟ وقد قالوا فيما يتعلق بالجبهة والكفين من التراب في الصلاة: إن له أن يزيل ذلك داخلها وأحرى خارجها: وقيل إنما يزيل ذلك خارج الصلاة، والأول شهره ابن ناجي، وفيها: ومن كثر التراب بجبهته أو كفيه فله مسحه. انتهى، فظاهرها مطلقا. قاله الثسيخ محمد بن الحسن.


(١) الإتحاف، ج ٢ ص ٣٦٥.
(٢) الإتحاف، ج ٢ ص ٣٧١.