وإن شك في ثالثة ففي كراهتها قولان يعني أن من تيقن غسلتين، وشك في الثالثة من غسلات وضوئه، فقد اختلف في كراهة الإتيان بغسلة لدفع الشك، والعلة في الكراهة احتمال كونها رابعة، وهي مكروهة أو ممنوعة كما مر، وعدم الكراهة فتكون باقية على الأمر بالإتيان بها كما في الصلاة فإنه قال: يصلي ما شك فيه؛ لأن الذمة لا تبرأ إلا بيقين. والقول بالكراهة قال ابن ناجي: هو الحق عندي، وبه أدركت كل من لقيته يفتي. قاله الإمام الحطاب. وقال في الشامل: هو الظاهر قاله الخرشي.
وعلم مما قررت أن الشك بين ثالثة ورابعة، وأما لو كان بين ثالثة وثانية فلا إشكال في إتيانه بها، وأن قوله: وهل تكره الرابعة أو تمنع في الرابعة المحققة قال كشكه في يوم عرفة يعني أن الإمام المازري قال من عند نفسه، يتخرج على هذين القولين المنصوص عليهما في الثالثة المشكوك في كونها رابعة قولان فيمن شك في يوم من ذي الحجة هل هو اليوم التاسع منه؟ وهو يوم عرفة، فيندب صومه، أو اليوم العاشر؟ وهو يوم النحر، فيمنع صومه. وحاصل هذا أنه إذا شك في اليوم التاسع من ذي الحجة أن يكون هو يوم النحر يجري في صومه قولان بين المنع والندب قياسا على الغسلة التي يشك في كونها ثالثة أو رابعة، فإن الشيوخ اختلفوا فيها على قولين بين الندب والكراهة وبما قررت علم أن مقابل الندب هنا المنع، وفي السابقة مقابل الندب الكراهة، خلاف ما قرره به الإمام الحطاب من أن مقابل الندب في مسألة الصوم الكراهة. وقوله:"في يوم عرفة" في بعض النسخ في صوم بزيادة لفظ "صوم" بين في ويوم عرفة، وهي غير ظاهرة لإيهامها أن الشك متعلق بالصوم لا باليوم، وبين المصنف حقيقة الشك بقوله هل هو العيد أي أن من شك في يوم هل هو العيد أو عرفةُ يجري فيه ما سبق. قال الشيخ عبد الباقي: ولو قال: كشكه في يوم هل هو عرفةُ أو العيد لسلم من إيهامه؛ لأن الحكم بأنه يوم عرفة ينافي الشك فيه، إلا أن يراد بالحكم بأنه يوم عرفة باعتبار ما أشيع عند الناس. وقال البرزلي: من توضأ في ظلمة كفاه غلبة ظنه أن الماء أتى على ما يجب تطهيره، ولا تندب إعادة الصلاة. قاله عز الدين. قاله الشيخ عبد الباقي. ويقبل إخبار الغير بكمال الوضوء والصوم كما في ابن عرفة، وينبغي تقييده بعدل رواية، وظاهره عدم قبول خبره ولو عَدْلَ رواية بأصل الوضوء أو بأصل الصوم والصلاة ليست كالوضوء فمن