أردف طلاقا في العدة فيكون بدعيا، واحترز المص بقوله:"واحدة" من أكثر منها فبدعي كما مر. ومن أقل منها كجزء طلقة فبدعى كما قاله الأمير، وقد مر أنه لا بد أن تكون هذه الواحدة واقعة على كل المرأة، فإن وقعت على بعضها حرمت كما يأتي ما يفيده، وفي المواق عن ابن عرفة: طلاق السنة ما كان بطهر لم يمس فيه بعد غسلها أو تيممها طلقة واحدة فقط وغير هذا بدعي، قال عبد الباقي: وتقدم أول الخلع أنه قد يحرم الطلاق لعارض ولم يذكروا أنه يسمى بدعيا، وقد يبحث فيه بأنه ليس ثم قسم ثالث؛ إذ السنة لا تأذن في حرام ولا مكروه، قال محمد بن الحسن: أي يحرم إن كان يخاف من وقوعه ارتكاب كبيرة، وقد يقال حرمته لعارض لا تخرجه عن كونه سنيا كالصلاة في الدار المغصوبة وهو الظاهر. انتهى. ويجوز طلاق البغلة أي التي لا تحيض واليائسة والتي لم تبلغ الحلم متى شاء والأفضل أن يستقبل بها الأهلة.
تنبيه من أراد طلاق زوجته وهو غائب فليكتب إليها كتابا: إذا أتاك كتابي وأنت طاهر فاعتدي بطلقة فإن وافاها طاهرا فهي طالق، وإن وافاها حائضا فلا شيء عليه. وتحصل مما مر أن غير ذوات الأقراء لا يكون طلاقها بدعيا إلا بالزيادة على الطلقة الواحدة، وإرداف الطلاق في العدة يرجع إلى الزيادة في العدد.
وكره في غير الحيض يعني أن الطلاق البدعي يكره ما عدا الطلاق في الحيض فإنه يحرم كما يأتي، فيكره في طهر مسها فيه ويكره أزيد من واحدة، وظاهر المص أن الزيادة على الواحدة مكروهة أوقع اثنتين أو ثلاثا، وفيه نظر لقول اللخمي: إيقاع اثنتين مكروه وإيقاع ثلاث ممنوع. انتهى. ونحوه في المقدمات واللباب، وعبر في المدونة بالكراهة لكن قال الرجراجي: مراده بالكراهة التحريم، ونقل أبو الحسن عن ابن العربي أنه قال: ما ذبحت ديكا قط بيدي، ولو وجدت من يرد المطلقة ثلاثا لذبحته بيدي، وهذا منه رحمه الله مبالغة في الزجر عنه. انتهى. وفي التوضيح: وإيقاع الثلاث ممنوع لقوله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)} أي من الرغبة في المراجعة والندم على الفراق. ونقل ابن عبد البر وغيره الإجماع على لزوم الثلاث في حق من أوقعها لما خرجه ابن أبي شيبة (أن (١) ابن عباس أتاه رجل، فقال إن عمي طلق امرأته ثلاثا،