للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال إن عمك عصى الله فأندمه الله ولم يجعل له مخرجا (١))، وعن أنس (أن عمر رضي الله عنهما كان إذا أتى رجل قد طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد أوجعه ضربا وفرق بينهما (٢))، وقال عمران بن حصين نحوه، قال: ولا أعلم لهما مخالفا من الصحابة.

وحكى في الإشراف (٣) عن بعض المبتدعة أنه إنما يلزم موقع الثلاث واحدة، وعن بعض الظاهرية أنه لا يلزمه شيء. الباجي: وإنما يروى عن الحجاج ابن أرطاة ومحمد بن إسحاق، وتعلقوا (بحديث طاووس عن ابن عباس أنه كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فأمضاه عليهم (٤))، وهو خبر صحيح رواه الأئمة، وطاووس إمام وابنه إمام، وقال بعضهم: هو وهم. الباجي: وعندي أن الوهم وقع في التأويل، ومعناه عندي أنهم كانوا يوقعون طلقة واحدة بدل إيقاع الناس ثلاثا، بدليل قوله: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، وقد روي عن ابن عباس من غير طريق أنه أفتى بلزوم الثلاث لمن أوقعها مجتمعة، فإن حمل حديث طاووس على ما تأولناه فلا كلام، وإن كان على غير ذلك فقد رجع ابن عباس إلى قول الجماعة وانعقد فيه الإجماع، وحكى التلمساني عندنا قولا بأنه إذا أوقع الثلاث في كلمة أنه إنما تلزمه واحدة، وذكر أنه في النوادر ولم أره، وشذ بعض المبتدعة أيضا فقال بعدم اللزوم إذا طلق في الحيض، وقد مر أنه يكره أن يطلقها في طهر جامعها فيه، وقد صرح في المدونة وغيرها بكراهته، وفي الاستلحاق عن بعض الشيوخ أنه محظور كالطلاق في الحيض، واختلف في وجه الكراهة فقال عبد الوهاب: لأنه لبس عليها العدة فلم تدر هل تعتد بالوضع أو بالأقراء؟ ولأنه يندم إن خرجت حاملا، وقيل لتكون مستبرأة فيكون على يقين من نفي الحمل إن أتت بولد وأراد نفيه، وضعف اللخمي الأول بعدم اللبس في العدة وذلك أن العدة لا تفتقر إلى نية وهي تنتظر في المستقبل، فإن رأت حيضا بنت وإن ظهر حمل انتظرت الموضع. انتهى.


(١) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الطلاق، رقم الحديث، ١٨٠٨٨.
(٢) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الطلاق، رقم الحديث، ١٨٠٨٩.
(٣) في النسخ الإشراق والمثبت من التوضيح: ج ٤ ص ٣١٥
(٤) صحيح مسلم، كتاب الطلاق، رقم الحديث، ١٤٧٢.