وسلم، ثم قال له: مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله عز وجل (١)).
قال في الاستذكار: هكذا روى جماعة عن ابن عمر وبه أخذ فقهاء الحجاز منهم مالك والشافعي: فقالوا: إنه يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلق إن شاء، ورواه جماعة عن ابن عمر، وقالوا فيه مره فليراجعها حتى تطهر ثم إن شاء طلقها طاهرا قبل أن يمسها، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة وأكثر العراقيين، وللرواية الأولى أوجه حسان منها أنه لما طلق في الموضع الذي نهي عنه ليلا تطول العدة أمر بالمراجعة ليوقع الطلاق على سنته، فإن أبيح أن يطلق إذا طهرت من تلك الحيضة كانت في معنى المطلقة قبل البناء، وكانت تبني على عدتها الأولى فيتم مقصوده فأمر بالوطء ليقطع حكم الطلاق الأول، فإذا طلقها لم يكن طلاقها في ذلك الطهر لأنه عليه الصلاة والسلام نهى أن يطلقها في طهر مسها فيه، ومنها أن الطهر الثاني جعل للإصلاح الذي قال الله تعلى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا}، ولأن المرتجع لا يرتجع رجعة ضرر لقوله تعالى:{وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}، فالطهر الأول فيه الإصلاح بالوطء فإذا وطئ لم يجز له أن يطلق في ذلك الطهر، ومنها أن المراجعة لا تعلم صحتها إلا بالوطء لأنه المبتغى من النكاح والرجعة في الأغلب. انتهى.
وأجبر أي على الرجعة فحذف الجار والمجرور لدلالة قوله:"ولم يجبر على الرجعة" عليه قاله الحطاب وغيره وفي بعض النسخ أمر يعني أن الزوج إذا طلق زوجته وهي حائض أو نفساء فإنه يلزمه الطلاق ويجبر على الرجعة ما لم تنقض العدة كما يأتي، وقوله:"وأجبر" سواء وقع منه الطلاق ابتداء أو كان حلف به وحنث في الحيض أو النفاس، وفهم من كلامه أن الجبر خاص بالطلاق الرجعي وهو كذلك سواء كان واحدة أو اثنتين، وأما لو بانت بخلع أو بتات فإنه لا يجبر على الرجعة بل ولا يتزوجها إلا بعد زوج فيما إذا أبت. والله سبحانه أعلم. وقوله:"وأجبر" أي ولو لم يتعمد إيقاع الطلاق على المذهب كما مر ما يفيده، ومعنى أجبر: أمر، بدليل قوله: وإن أبى أي أمر أمرا لازما أي أمره الحاكم أمرا جازما لا رخصة فيه. قاله الشيخ إبراهيم.
(١) صحيح البخاري، كتاب الطلاق، رقم الحديث، ٧١٦٠ صحيح مسلم، كتاب الطلاق، رقم الحديث، ١٤٧١.